المخ … ذلك الجزء من جسم الإنسان الذي حير القدماء وأبهر المعاصرين والله أعلم ما يفعله بالقادمين! يقوم المخ بعمليات حسابية معقدة وفي وقت قياسي وبأعداد هائلة. يحتوي هذا المخ على ملايين الخلايا ويقوم بتخزين بلايين المعلومات. مثل المساح الضوئي يعمل، يحفظ كل ما يمر خلال اليوم، من لحظات سعيدة وحزينة، أناس، سيارات، كلمات، أصوات، إلخ.
هذا المخ الذي نحمله يساعدنا في عملية التعلم والتطور والبناء والنماء. ألا يستحق منا وقفة احترام؟ الإحترام الذي يستحقه لأنه عمل على تطوير البشرية بهذا الكم الهائل من التكنولوجيا والأداب والعلوم والحضارات التي بناها الإنسان باستخدام مخه.
كيف نحترمه؟ ……………..بسيطة، بالتمرين! كل ما يحتاجه هذا المخ هو التمرين لكي يصبح أكثر نشاطا وفاعلية…
سوف أسألكم سؤال بسيطا لكنه يعتبر تمرينا رهيبا للمخ…
هل تستطيع أن تتذكر بسهولة الأشياء الموجودة داخل ثلاجتك في آخر مرة فتحت فيها الثلاجة؟
هل تستطيع ذكر…..
عنصر واحد؟
ثلاثة عناصر؟
خمسة عناصر؟
كل العناصر الموجودة؟….
إذا فشلت في تذكر أكثر من عنصرين فأنت تعاني من مشكلة حقيقية..هل تعرف ما هي؟ كلا, ليست مشكلة النسيان، بل مشكلة شراء أشياء موجودة أصلا في ثلاجتك….أشياءا زائدة عما تحتاجه فعلا…أقصد أنك تشتري مثلا الحليب أو البقدونس اللذان كانا موجودين في الثلاجة لكنك تتذكر أنك لم ترهما في الثلاجة.
سبب هذه المشكلة
هل تعرفون ما سبب هذه المشكلة؟
السبب هو أننا لا ننظر إلى ما في الثلاجة بل نرى ما في الثلاجة…وثمة فرق شاسع بين النظر والرؤية! هل تعلمون أنه 99% مما نفعله هو أننا (نرى) الأشياء ولا (ننظر) إليها! فنحن حينما نرى الأشياء، لا نخزنها في الذاكرة بل نقول للدماغ أن هذه معلومات لا ضرورة لها فيقوم الدماغ باعتبارها كخلفية مزعجة للمشهد. أما حينما ننظر إلى الشيء، فإننا نقوم بتخزين هذا الشيء في الذاكرة ونقول للدماغ بأن هذا الشيء هام “من فضلك اهتم به وخزنه في الذاكرة”.
كيف يمكننا التفريق بين النظرة وبين الرؤية؟ هذا يحتاج تمرين ومثال عملي.. ويحضرني في هذا المجال طريقة تسمى طريقة النقرة او الطرقعة (Flick) للسيد غريغ فروست والتي يقول عنها أن طريقة لزيادة معدل الإنتباه ومدة إستبقاء المعلومات في المخ. هذه الطريقة هي التي سوف تعلمنا كيف نفرق بين النظرة والرؤية.
فما هي طريقة Flick؟
يقول السيد فروست إن هذه الطريقة عبارة عن أخذ لقطات فوتوغرافية دماغية في تتابع سريع. ولفهم هذه المصطلحات النفسية المعقدة (كعادة علماء النفس في تعقيد المبسط)، دعونا نأخذ هذا التمرين من أحد تجارب السيد فروست.
جرب التالي:
قف أمام نافذة المكتب أو البيت، وراقب الأشياء خلف النافذة (في الشارع او الحديقة المقابلة للنافذة) لمدة خمسة عشرة (15) ثانية. لا ترى الأشياء بل قم بالنظر إليها وقم يتخزينها في الذاكرة..... قم بتجربة هذا التمرين يوميا من خلال تحويله إلى لعبة ملاحظة تقوم فيها بمراقبة تفاصيل دقيقة في أي مكان تكون فيه. هذا سوف يساعدك على أن تكون شخصا متصفا بالإهتمام بالتفاصيل وهي من الميزات الهامة للموظف الناجح والإنسان الناجح في الحياة.....