الرياض – عبد الرحمن بدوي:
الخلايا الجذعية... شلال متدفق من الانجازات وقد ساعدت التحديات العلمية الكبيرة والمخاوف الأخلاقية وحتى السياسية في إبطاء تقدم أبحاث الخلايا الجذعية لأكثر من عقد وحول ماهية الخلايا الجذعية وأنواعها، وماهو الاستنساخ العلاجي؟ وماذاعن الخلايا الجذعية المحفزة وافرة القدرة؟ كل هذه التساؤلات وغيرها طرحناها على الدكتورة منى أحمد الصفدي محاضرة وباحثة خلايا جذعية وأخصائية أجنة وأطفال أنابيب ـ وحدة الخلايا الجذعية ـ كلية الطب ـ جامعة الملك سعود ـ الرياض ،فماذا قالت ؟
في البداية أكدت الدكتورة منى الصفدي على أن من يتابع اكتشافات العلم وتطوره في مجال الطب يقف مشدوها أمام التقدم الهائل الذي وصل إليه الطب الحديث.
فقد مر الطب بمنعطفات حادة معظمها كان مجرد مصادفة بحتة غيرت الكثير من المفاهيم لدى الباحثين والأطباء والمرضى.
وفي السنوات الأخيرة مر الطب بأحد أهم المنعطفات الحادة ألا وهو منعطف الخلايا الجذعية التي يمكن إطلاق عليها لقب الخلايا الذكية لما تملك من قدرة لا محدودة تبشر بمرحلة جديدة لعلاج الأمراض كحجر أساس لمايسمى بالطب التجديد.
غير أن التحديات العلمية الكبيرة والمخاوف الأخلاقية وحتى السياسية أبطأت تقدم أبحاث الخلايا الجذعية لأكثر من عقد.
ولكن ساهمت سلسلسة من الإنجازات المدهشة في تقدم هذا المجال العلمي ،بحيث أصبح بامكان حفنة من الجينات تحويل خلية بشرية بالغة الى خلية قادرة للتحول الى اي نوع من خلايا الجسم البشري.
ببساطة شديدة ماذا تعني الخلايا الجذعية؟
هي مصدر خلوي لطاقة متجددة داخل الجسم تمده بخلايا جديدة كلما دعت الحاجة ، كما يمكن تحفيزها في حالات معينة (مخبريا) لانتاج خلايا ذات مواصفات خاصة قد تحل محل الخلايا التالفة.
الخلايا الجذعية نوعان ١ خلايا جذعية جنينية وهي الخلايا التي تستخرج من بويضة ملقحة تبلغ من العمر خمسة أيام.
٢ خلايا جذعية بالغة وهي الخلايا التي تستخلص من مناطق مختلفة من الجسم مثل الحبل السري والنخاع العظمي والجلد والعظام والعضلات.
تتميز الخلايا الجذعية الجنينية بخاصيتين مدهشتين ميزتاها عن الخلايا البالغة وجعلتاها الأكثر فائدة من الناحية الطبية: أولا: أنها وافرة القدرة اي يمكنها أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا المتخصصة في الجسم .
ثانيا : أن لديها القدرة على الانقسام المتواصل وصنع نسخ لا متناهية من نفسها .
ولكنها للأسف تتضمن سلبيتين: أولاهما: التحفظات الأخلاقية نظرا لانها تتضمن اتلاف بويضات ملقحة لانتاجها.
ثانيهما: أنها تتضمن خطر رفض جهاز مناعة المريض لها مما يتطلب علاجات قد تكون سامة لكبت جهاز المناعة.
الاستنساخ العلاجي ومن هنا نشأت تقنية الاستنساخ العلاجي لتفادي رفض جهاز المناعة وهي نفس تقنية الاستنساخ التكاثري ولكن لا تهدف إلى انتاج كائن حي كامل كما تم بأول عملية استنساخ تكاثري للنعجة دوللي بل للحصول على خلايا جذعية جنينية مستنسخة من المريض لاستخدامها في علاجه.
وكيف تتم هذه التقنية ؟
تتم بنزع نواة خلية بالغة من الشخص المريض وحقنها في بويضة منزوعة النواة ومن ثم تنشيطها للانقسام مخبريا بواسطة التحفيز الكيميائي او الصعق الكهربائي وتحضينها لانتاج بويضة محفزة ومن ثم استخراج الخلايا الجذعية الجنينية المستنسخة منها وتحفيزها لتكوين خلايا بديلة للخلايا المصابة لدى المريض دون الخوف من مشاكل جهاز المناعة لديه.
دعيني أسأل عن بداية الأبحاث في مجال الخلايا الجذعية
بدأت الأبحاث فى مجال الخلايا الجذعية على يد العالمين الكنديين إرنست ماكولوتش و جيمز تل ، وذلك فى الستينيات من القرن الماضى. وقبل أكثر من عقدين من الزمن ظهر نجاح أولى المحاولات العلمية للحصول على الخلايا الجذعية المستخلصة من فئران التجارب وتنميتها في المختبر.
وبعد ذلك توالت النجاحات والأنجازات التي لا حصر لها فقد حصل الأمريكيين مرايو كابتشي وأوليفر سميثيز والبريطاني مارتين ايفينز على جائزة نوبل في الطب لعام ٢٠٠٧ وذلك تكريما لهم لأبحاثهم التي أثبتوا فيها أن الخلايا الجذعية الجنينية لديها القدرة على التحول إلى أي نسيج بشري.
وأكدوا أهميتها في دراسة بعض الجينات وتأثيرها على فيزيولوجية الجسم البشري.
وفي أواخر شهر نيسان من العام الماضي استطاع علماء أمريكيون باستخدام خلايا جذعية جنينية تكوين كريات دم حمراء في المختبر تحمل صفات الكريات الحمراء الحقيقية الموجودة في الدم وخصائصها وقادرة أيضا على نقل الأكسجين ، مما يعطي أملا قريبا لإمكانية استخدامها عند الحاجة كبديل عن التبرع بالدم.
ومن جامعة بروكسل قامت مجموعة من علماء أوروبيين باستخدام خلايا جذعية جنينية وتوجيهها للتمايز إلى خلايا عصبية تحمل خصائص الخلايا العصبية الدماغية ومميزاتها ، مثبتين قدرتها على خلق دوائر عصبية جديدة متصلة بالدماغ المضيف عند زرعها في جماجم فئران مخبرية.
وبذلك قاموا بزرع الأمل في قلوب المصابين بأمراض متلفة للدماغ كالزهايمر والباركنسون وانسداد الأوعية الدماغية بشفاء قريب إن شاء الله.