منى محمود تكتب :
مع دخول فصل الصيف، وإرتفاع درجة الحرارة، يمكن للأطفال أن يصابوا بالإسهال والإقياء. ويعرف هذا المرض بأنه تغير في صفات البراز، حيث يتحول من قوامه المتماسك الى اللين أو المائع، ويزداد عدد مرات التبرز. وقد تحدث تغيرات أخرى مرافقة لذلك، كتغير لون البراز أو رائحته. فالطفل الطبيعي يتغوط مرة الى مرتين يومياً، ويكون براز ه متماسكاً وأصفر اللون. أما في حالة الإسهال، فيصبح أخضر اللون، أو مائلاً الى السواد، ويزداد عدد مرات التبرز أكثر من أربع مرات يومياً.
والإسهال إما أن يكون حاداً أو مزمناً. والإسهال المزمن هو الإسهال الذي يستمر أكثر من ١٤ يوماً. وتختلف الأسباب التي تؤدي للإسهال عن تلك التي تؤدي للإسهال المزمن. ولكن في بعض الحالات قد يتحول الإسهال من حاد الى مزمن، إذا لم يعالج بشكل جيد. وهذا يؤدي الى تدهور في وزن الطفل، ومن ثم فشل في نموه.
وتحدث تبدلات غذائية في الجلد والأشعار ونقص في النسيج الشحمي تحت الجلد، وتزداد هذه العلامات وضوحاً كلما زادت فترة الإسهال.
أما بالنسبة للإسهال الحاد، فهو غالباً ينجم عن إصابة الطفل بعوامل ممرضة معدية. وتختلف العوامل الممرضة المسببة للإسهال في الصيف، عن تلك التي تسبب الإسهال في الشتاء. ففي فصل الشتاء يحدث الإسهال غالباً نتيجة الإصابة بحمات راشحة (فيروسات). أما في فصل الصيف فالعوامل المسببة هي الجراثيم، أو في بعض الأحيان ذيفانات بعض الجراثيم، وهي ما تدعى بحالة التسمم الغذائي. ولكن قد يشاهد الإسهال نتيجة الإصابة ببعض الطفيليات، مثل المتحول الأميبي، أو الفطور، مثل المبيضات البيض. كذلك تختلف صفات البراز، حسب العامل المسبب. ففي الإسهال الناجم عن الإصابة بالحمات الراشحة يكون البراز مائياً أصفر اللون، وليس له رائحة واخزة، وإنما تبقى رائحته كالمعتاد، وتترافق الحالة مع إرتفاع حرارة. وقد تترافق الإصابة مع بعض الأعراض الأخرى، كالرشح والسعال.أما في فصل الصيف فالعوامل الجرثومية المسببة للاسهال تؤدي الى تغير في لون البراز نحو الأخضر، وتتغير رائحة البراز وتصبح كريهة. وقد يمتزج البراز بالمخاط، أو بخيوط من الدم أحياناً، وذلك اذا كانت العوامل الممرضة غازية لجدار الأمعاء. ويترافق الإسهال في هذه الحالة مع أخرى، كالحرارة الشديدة والإقياء، وهو ما يدعى بالتهاب المعدة والأمعاء الحاد.
ينجم التهاب المعدة والأمعاء الحاد، عن دخول العوامل الممرضة الى الجسم عن طريق الفم، لتصل الى المعدة والأمعاء. ويحدث ذلك بسبب، إما تلوث الطعام أو الماء، أو تلوث الأيدي بتلك الجراثيم، التي تطرح في البراز وتنتشر من جديد لتنتقل الى أطفال آخرين. ويزداد تكاثر هذه الجراثيم في الصيف. ويترافق الإسهال مع زيادة الشعور بالعطش والحاجة الى تناول الماء، ولكن قد يمنع الإقياء ذلك، مما يؤدي للإصابة بالجفاف، وهو عامل الخطورة الأهم في هذه الحالة. فالماء يشكل نسبة لا بأس بها من وزن الجسم، خاصة عند الأطفال، وخسارة كمية كبيرة من الماء عن طريق الإسهال مع عدم إمكانية تعويض هذه الخسارة بسبب الإقياء، أو نتيجة عدم إمتصاص السوائل من الأمعاء، بسبب الإصابة المرضية فيها، يؤديان لحدوث التجفاف، وبالتالي نقص كمية السوائل في الجسم، مما يؤدي الى نقص في حجم الدم، فتحدث إضطرابات مختلفة في الجسم، كهبوط في ضغط الدم، وتسرع القلب. كما يمكن أن يرافق ذلك إضطراب في الأملاح، وهذا يؤدي الى إضطراب في بعض وظائف بعض خلايا الجسم.
العلاج
إن المعالجة الأساسية في حال الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء الحاد، تكون بإعاضة نقص السوائل والأملاح. وفي الحالات التي لا يترافق فيها الإسهال مع الإقياء، والتي تكون فيها خسارة السوائل بسيطة أو متوسطة، يمكن أن يتم تعويض السوائل عن طريق الفم. ويوجد حالياً في الأسواق ظروف تحتوي على الأملاح الخاصة الضرورية بنسب معينة تحل بالماء المعقم، وتعطى للطفل. كما توجد محاليل جاهزة معبأه ومعقمة يمكن أن تعطى مباشرة للأطفال. أما في الحالات التي تترافق مع إقياء شديد يعيق إعطاء السوائل، أو الحالات التي يكون فيها التجفاف شديداً وخسارة السوائل كثيرة، فإن تعويض السوائل يجب أن يكون سريعاً. وأن يتم ذلك في المشفى بإعطاء السوائل عن طريق الوريد، مع مراقبة المريض بشكل جيد، خوفاً من حدوث عواقب لا يحمد عقباها.
إضافة لإعطاء الماء والأملاح يمكن أن يعطى الطفل بعض الأدوية، كمضادات الإقياء وخافضات الحرارة ومضادات التشنج، لتسكين الألم البطني، أما المضادات الحيوية فيترك وصفها للطبيب، حسب الحالة. فكثير من حالات التهاب المعدة والأمعاء الحاد تشفى من دون إعطائها، ولكن في بعض الحالات قد تضطر الى إعطاء المضادات الحيوية عندما تكون الإصابة شديدة، أو عندما يكون الطفل المصاب صغيراً جداً أو لديه اضطراب في مناعة جسمه، أو عنده سوء تغذية، أو عندما تكون العوامل الممرضة من النوع الغازي لجدار المعدة. إن إعطاء المضادات الحيوية في الحالات التي لا يجب إعطاؤها، قد تؤدي تأثيرات جانبية غير مرغوب بها.
إن الوقاية خير من قنطار علاج، والنظافة هي أهم وسيلة وقائية، بالنسبة لإلتهاب المعدة والأمعاء الحاد. فنظافة الأيدي تكون بغسلهما جيداً بعد الخروج من المرحاض او تغيير حفاض الطفل، وقبل تحضير الطعام أو تناوله، هو عامل مهم في الوقاية. كذلك منع الأطفال من تناول الأطعمة المكشوفة، والمعرضة للحشرات، خاصة الذباب الذي يكثر في الصيف، وهو ينقل العوامل الممرضة، كما أن سوء حفظ الأطعمة يساعد على تكاثر الجراثيم والعوامل الممرضة، التي يمكن أن تبقى حية في الأطعمة المحفوظة في البراد. وعند تعرضها للحرارة تتكاثر وتنتقل الى الجسم عن طريق الجهاز الهضمي مؤدية لإلتهاب المعدة والأمعاء الحاد.
إن بعض العوامل الممرضة تؤدي للإصابة بالإسهال والإقياء بشكل غير مباشر، عن طريق إفراز مواد سامة تدعى الذيفانات (السموم) وهذه المواد تفرز في الأغذية وتبقى محفوظة عند وضعها في البراد، وعندما يتناول الإنسان الأغذية الحاوية على هذه الذيفانات يصاب الطفل بالإقياء والإسهال. وهذا يدعى بالتسمم الغذائي. وتختلف الأعراض التي يصاب بها المريض، حسب العامل المسبب. أما المعالجة فتكون بإعطاء السوائل ومضادات الإقياء، كما هي الحال في التهاب المعدة والأمعاء الحاد. وهنا تكون الإصابة عند مجموعة من الأشخاص تناولوا نفس المادة الغذائية الحاوية على الذيفان الممرض.