الطبيب - منى محمود:
عمر الإنسان رحلة طويلة مليئة بالأسرار فيها الكثير من الحكم وتدل على العديد من المغازي وقد جهز الله سبحانه الإنسان بكل الأدوات التي تساعده على إكمال السير في طريقه الصعب فجهزه بأدوات الجسد وكمله بأدوات النفس التي تمكن جسده من النهوض والحركة وتمنحه القوة والصبر والنور والاطمئنان ومهمته الأساسية هي العبادة وإعمار الأرض وهاتان المهمتان بحاجة إلى الروح والجسد معناً ولا يمكن أن يعمل أحدهما بمعزل عن الآخر فلا قوة للجسد بدون قوة الروح ولا نشاط له بدون نشاطها ولا ابتكار ولا إبداع إذا كانت الروح خاملة أو عاجزة .
من أدوات الروح التي منحها الله تعالى للإنسان شعور الحزن وهذا الشعور يحاكي الغضب والقلق والحب والرحمة وغيرها من حيث الوجود والقدر المطلوب استخدامه ، هذه المشاعر أدوية تحفيزية تحث الجسد على عمل الأفضل لكن بعض هذه الأدوية حساس جداً ولا يجوز أن يستخدم بشكل كبير جداً إن لها وقتاً محدداً وأسلوباً معيناً تستخدم فيه مثل الغضب وقد تكلمت عنه سابقاً ، والحزن والقلق وغيرها .
رحلتنا اليوم مع آلة الحزن
لماذا وجدت ؟ متى نستخدمها وكيف ومتى نتخلص منها وكيف ؟
كيف أحول الحزن إلى سعادة :
قال الله تعالى ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) وقال سبحانه ( لقد خلقنا الإنسان في كبد )
قال صلى الله عليه وسلم : (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن اصابته سراء شكر كان خيراً له وإن أصابته ضراء شكر فكان خير له )
أخلص من هذه المعلومات أن الإنسان مكتوب عليه التعب والكد والجهد والنصب والعناء وأنه لا يمكن أن يعيش بدونها فلماذا نرافق مع هذا العناء الحزن والقهر .
عرفت من الحديث الشريف أن الله تعالى يأجرنا على الخير الذي يصيبنا الشر الذي يصيبنا وبالتالي لماذا نحزن إذا كانت هناك مكافأة على مصائبنا .
لماذا خلق الله الحزن :
الحزن نوع من المضادات الحيوية وجد ليقاوم التبلد الناتج عن تكرار الفرح والسعادة ونشوة النصر وغيرها .
فهو مرحلة تنتقل فيها الروح من الجموح إلى الهدوء والاطمئنان لتتمكن من معاودة الحياة بروح جديدة وأفكار جديدة .
فوائد الحزن :
1- الرضا بقضاء الله وقدره ، وهي من علامات الإيمان .
2- يقودنا إلى تذكر الفقراء والمحتاجين والمعوزين .
3- يجعلنا نشعر بمشاعر الفاقدين لأحبابهم .
4- يعيد أنفسنا إلى حقيقتها أنها سوف تعود إلى التراب ومنها إلى ساحة العرض الأكبر .
5- يساهم في الاستقرار النفسي والوقوف للتأمل والمحاسبة .
ولهذا يجب أن لا يتعدى وجود الحزن في حياتنا مواضع الأحداث لأن مهمتنا في هذه الحياة متعلقة بالعمل وليس بالحزن والعمل بحاجة إلى النشاط والحيوية والقوة والصبر والحزن أداة معينة على تجديد الروح فاستخدام الحزن كسلوك أمر مؤذي للحروح والبدن في وقت واحد فالحزن سبب رئيس لأمراض القلب وقرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وغيرها من الأضرار الجانبية هذا فضلاً عن الأمراض النفسية مثل الكآبة .
إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون )
محمد الرجل الذي غير العالم وجعل الشرية تنظر لنفسها بشكل جديد ، صلى الله عليه وسلم .
النبي الأعظم يحزن وعيناه الطاهرتان تدمع بجواهر الإيمان
فدتك ارواحنا وأموالنا وأعراضنا يا رسول الله
فلنتعلم كيف نتصرف بأداة الحزن من سرول الحكمة صلى الله عليه وسلم .
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
لقد كان آدم يبكي على الذنب 40 عاماً لأن الله خلقه بيده ولأنه كان في الجنة ولأنه عصاه وأطاع الشيطان وأكل من الشجرة .
لقد نزل إلى الأرض فعرف الجوع والعطش والتعب والألم وزمهرير البرد وقيض الحر ، لكنه لم يحزن في يوم من الأيام وهو في الدنيا على شيء مثل الذنب .
ومن الأشياء الظريفة في حياة آدم أنه عندما كان يحتضر طلب من أبناءه أن يحضروا له من ثمار الجنة أي الجنة التي يزرعها في الدنيا ( يعني مزرعة فيها فواكة وحمضيات ) فقابلتهم الملائكة ومعهم الحنوط والكفن ةقالوا لهم إن أبائكم لن يذوق هذه الفواكه لأنه سوف يموت قبلها.
بالله عليكم في أصعب لحظات الحياة لحظة خروج الروح والاحتضار يفكر الإنسان في ثمر يأكله .
في تحليلي أن قلبه خالي من أحزان الدنيا برغم أننا عرفنا جيداً حزنه على أبنه الذي قتل وأخوه الذي هرب منه فقد فقد في حياته اثنان من أبناءه .
هذا كان الأجر على قدر المشقة
دائماً تتعلق أهدافنا بالدنيا وملذاتها وحظوظها ورغباتها ولا تصل كثيراً جداً إلى المراحل النهائية وهي المراحل الأخروية التي هي أساس سعادتنا وفرحنا .
برغم كل ما يصيبنا من أحزان ومصائب ومشاكل تعترض طريقنا للنجاح وبرغم الألم الذي يتملكنا والحزن الذي يعترينا إلا أننا نعرف جيداً أن الحزن مخلوق من خلوقات الله يبعثه لنا متى يشاء كي نعدل طريقنا وكي تسكن النفس من عواصف الزمن .
نحن نستطيع تحويل الحزن إلى سعادة
نحن نستطيع أن نجعله حدثاً نؤجر عليه ويقربنا إلى الله
نحن نستطيع أن نقيل عثراتنا
نحن نستطيع ان ننير دروبنا بالخير ونضيء للعالم طريقهم
نحن نستطيع أن نجعل الحزن دواءاً لنقوم من جديد
هل سمعت بأناس يعيشون على الحزن في كل حياتهم
أعوذ بالله كيف عايشين هؤلاء
هل سمعت باسم مستعار ( سحقاً للقدر )
يا إلهي ما هؤلاء البائسين
هل هم بشر مثلنا يأكلون ويشربون مثلنا ويتمتعون بحياتهم مثلنا
هل يمكننا أن نعرفهم بحقيقة الحزن وأنه صدديق يذكرنا وقت الغفلة
وأننا نؤجر عليه لو أحسنا النية لله تعالى
هل يمكننا انتشالهم من مستنقع الحزن المظلم
بالتأكيد يمكننا ان نحولهم إلى أناس سعداء فاعلين في المجتمع
نحن نستطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع