بحسب تقرير نشره مركز الإحصاء الطبي الإيطالي ISS بتاريخ ٢٠ مارس ٢٠٢٠ فإن الوفيات بمرض كورونا فيروس Covid19معظمهم من كبار السن ما فوق ٧٠ سنة بنسبة تتجاوز ٨٦ % من عدد الوفيات الاجمالي في إيطاليا، مع متوسط عمر المتوفين يقارب ٨٠ سنة.
كما إن ٩٩% من المتوفين كبار السن كانوا يعانون من أمراض مزمنة سبقت العدوى نصفهم تقريبا عانى من ٣ أمراض على الاقل (٥٢% أمراض قلب،٣٤ السكري،٢٠% فشل كلوي، ٢٠% سرطانات، ١٣ أمراض تنفسية، ١١ جلطة دماغية، ١١،٩% الزهايمر، ٣،٧ أمراض الكبد، ٧٣% ارتفاع ضغط الدم) مما جعلهم غير قادرين على مواجهة مضاعفات العدوى من جهة و العلاج من جهة اخرى فيلقون حتفهم خلال ٥ ايام تقريبا من دخولهم قسم الإنعاش و بزمن اقل إذا لم يتوفر لهم سرير الإنعاش.
أما سبب الوفاة بمعظم الحالات فكان بسبب فشل قلبي و دوري دموي او فشل تنفسي او كلوي، و اما العوارض الأولية فكانت صعوبة بالتنفس ٧٣ % من الحالات، حرارة مرتفعة ٧٦%، السعال ٤٠% و الإسهال ٨%.
والملفت أن فقط ١% من الوفيات كان من تحت سن ٥٠ و معظم هؤلاء كانوا يعانون أيضا من ضعف في المناعة بسبب أمراض مزمنة سبقت العدوى.
وخلُص التقرير إلى نتائج مفادها أن من يدفع ثمن عدوى كورونا هم كبار السن ضعيفي المناعة، بينما اصحاب المناعة السليمة سيتغلبون على العدوى ويتماثلون للشفاء خلال ايام، لا بل هناك قسم كبير منهم يتلقى العدوى دون ان يشعر بأية عوارض.
إذا المناعة هو سلاحنا الأهم لمكافحة عدوى كورونا فيروس وما علينا الا تقويتها وجعلها على أهبة الاستعداد و الجهوزية لمواجهة العدوى و القضاء عليها.
كما بات معلوما فإن فيروس covid19يدخل الجسم عبر الفم أو الأنف عن طريق الاستنشاق من رذاذ المصاب أو بنقل الفيروس للوجه عبر اليدين بعد لمسِهما للأسطح الملوثة.
يسبب الفيروس في البداية التهاب في الحلق، ثم ينتقل عبر الجهاز التنفسي إلى خلايا الرئتين فيدخل هذه الخلايا ويبدأ بالتكاثر داخلها حتى يقضي عليها خلية تلو الأخرى. هنا يبدأ جهاز المناعة بالتأهب فتتزايد دقات القلب لتنشيط الدورة الدموية وتسهيل وصول خلايا المناعة إلى الرئتين وترتفع حرارة الجسد، و تشن خلايا المناعة بدايةً هجوما مناعيا عشوائيا فيقتل الخلايا المصابة وغير المصابة.
ثم يقوم الجسم بتحليل عينة من الفيروس و تبدأ خلايا B cellsبتصنيع الأجسام المضادة Antibodiesالمختصة القادرة على قتل الفيروس فتميل الكفة إلى صالح الجسم و يتم القضاء على الفيروس نهائيا.
تحصل هذه العملية عند صاحب المناعة السليمة بأخف الأضرار مع بروز عوارض طفيفة
او حتى بدون عوارض.
المطلوب إذن للتغلب على كورونا فيروس هو مساعدة الجسم على المقاومة بتقوية جهاز المناعة و ذلك عن طريق:
- اولا أخذ القسط الكافي من النوم و الراحة، و التعرض للشمس و تهوية المنازل.
- ثانيا التغذية السليمة الغنية بالفواكه و الخضار خاصة الكيوي و الحمضيات التي تحتوي على الفيتامين س و هو العدو الأكبر للفيروسات و كذلك العسل، الجوز و اللوز، البصل و الثوم و مرق الدجاج. و كذلك الإكثار من شرب الماء و السوائل خاصة الدافئ منها.
- ثالثا الرياضة و المشي حتى داخل المنزل و التوقف عن التدخين لتنشيط الدورة الدموية فنصبح أقدر على مواجهة العدوى.
- رابعا وهو الأهم الإبتعاد عن الخوف و القلق stressالذي يضعف الجهاز المناعي و يجعله يعمل بنسبة ١٢٪ فقط من طاقته فيجعل منا هدفًا سهلًا للفيروس.
واخيرا فإن خطورة فيروس كورونا ليس متعلقة فقط بشراسته و مهاجمته بشكل مباشر للرئتين مسبباً في الحالات الحرجة التهاب رئوي حاد قد يودي بحياة المريض، لكن خطورته الأكبر تكمن بالسرعة المذهلة لتفشي المرض بسبب سهولة انتقاله من شخص لأخر و كذلك بسبب وجود أشخاص يحملون الفيروس بدون عوارض.
من هنا أهمية كسر سلسلة العدوى و منع تفشي المرض بالإلتزام بالتباعد المجتمعي و الحجر الصحي المنزلي ذلك لحماية ضعيفي المناعة و كبار السن، و السماح للجهاز الطبي بمواجهة الحالات الحرجة بحيث لا يتجاوز عددها القدرة القصوى للقطاع الطبي، بأنتظار تجهيز اللقاح الجاري العمل على إنتاجه بعد إتمام التجارب السريرية المتبعة أو اكتشاف العلاج الفعال.
بقلم دكتور حسام زمرلي
الطبيب في مستشفى بافيا بإيطاليا