الخميس 07 رمضان 1441 هـ - 30 ابريل 2020 م
جائحة الحضارة !!!
بقلم/ الدكتور ميثاق بيات الضيفي
" حضارة الكورونا... حضارة الم.. أم تحدي !!!"
هل غربت شمس الحضارة البشرية؟ حضارة الذبح والظلم والانتقام؟ وهل بزغت حضارة عالم جديد؟ حضارة فيروسية؟ حضارة كوفيدية 19 او كما عرفت بالحضارة الكورونية؟ وهنا نتساءل لماذا نحتاج في هذا العصر بالذات إلى الثقافة الكورونية؟ من الضروري تكوين القيم ومقاييسها للعثور على إجابات للأسئلة الضرورية، وأن يكون لدى الناس وعي بالوباء الحديث، وإلى أن تتوفر لدينا إجابة واضحة على ذلك السؤال فلا يزال النهج العلمي في شكله الكلاسيكي ببساطة لا يمكن وصفه وهو لا يعطي فكرة عن الحضارة الكورونية كما لا يمكنه أن يعطي فكرة عن الإنسان المحجور ولا عن القضايا الإنسانية الأخرى، ومع ذلك نحن بشر ويجب أن نعيش ونعمل ونفهم، وهذا يعطينا الحق في تبادل شيء مع الآخرين لفهم شيء، لأني أعتقد أنه من الممكن فعل ذلك ومشاركته أثناء محاولة تجاوز النهج الكلاسيكي وعدم التورط في الأساليب اللاحقة للمناهج الالكترونية الدراسية وفي الوقت نفسه عدم الانزعاج معهم لإظهار شيء ما ولإعطاء صورة للتعبير عن ثقافتنا لأننا لا نملك المثقفين الفلاسفة، فكان على المدارس والمؤسسات والتعليم العالي والكتب الشعبية والبرامج التلفزيونية ووسائل أخرى، أن تشرح ماهية الحضارة الكورونية، ولماذا نحتاج إليها وكيفية الالتحاق بها وما إلى ذلك، ولكن لدينا أشخاص يفهمون المشكلة لكنهم لا يرغبون في شرحها لشخص ما، ويفضلون السباحة بلطف بالمعنى الذهبي لتفوقهم! وهؤلاء لا يمكنني أن أسميهم بالمثقفين!! كما وان هناك معلمين ومحاضرين جامعيين إما لا يتعدون إطار منهجيات التدريس وأساليب التدريس واما لا يتخطون البرامج والمناهج حتى انهم لا يفهمون اسس ودعائم الحضارة العادية فكيف بهم فهم الحضارة الكورونية وكيف اذن سيعلمونها وينشرونها!! بينما المعلمين والتدريسيين الجيدين يحاولون اختراق واقعهم لنشر الحضارة وتوضيحها لكنهم قليلين.
أشير إلى أنه الان الحضارة الكورونية مرتبطة بالحياة الفكرية والبحثية للفرد والجامعات الكترونيا، وهي لا تعيش بدون الفرد والعكس صحيح، والثقافة تدمج كل شيء وتوحد لذلك في بعض الأحيان فيما يمكن تسميته تقليديًا كفرد وأحيانًا جماعة وكذلك علاقتهما، لذا ماذا يقول السيكولوجيين حول هذا الموضوع؟ يقولون أن حياة الشخص وفكره يتشكل بالكامل تقريبًا بواسطة الثقافة ويريد إصلاح كل شيء مسبقًا وتزويده بالاقتباسات والأدلة، وأن الإنسان يتشكل بالكامل عبر التأثيرات الخارجية والأجواء، وإن تكوين فكر الشخص سيكون من المستحيل دون الإجابة على سؤال عن النوع الذي يريد تكوينه ولأي غرض ولأي عالم، فإذا كنت بحاجة إلى ممرض فهناك برامج حضارية وثقافية وعلمية لاعداد ذلك، وان كنت بحاجة لرجل عصابات في ظل العالم الإجرامي فمتوفرة لذلك بعض برامج وحضارة اجرامية وثقافة مافيات للتنشئة وما إلى ذلك، وإذا كنت بحاجة إلى مقاتل فلا يمكن ببساطة تشكيله من دون البرامج والحضارة القتالية والثقافة اللازمة وهكذا.
إن المشكلة الرئيسة للإنسان هي مشكلة المعنى في الحياة وحتى الأمراض هي من مظاهر الشعور بعدم معنى الحياة، وإن كان الشخص منطقيًا فستختفي كل هذه المشكلات لان مهمة أخصائي العلاج الذهني ليست في إعطاء معنى للمريض ولكن دفعه للبحث ومساعدته في العثور عليه وايضاح من أين تأتيه المعاني؟ يحب الكثير من الناس الصراخ حول فرديتهم واستقلالهم وما إلى ذلك، ثم يبدأ هؤلاء في إظهار أسوأ الأمثلة على السلوك الجماعي فلماذا؟ لأن الذاتية لا تتشكل حقًا، لكنني أريد حقًا الصراخ حول ما هو غير صحيح في إظهار النشاط المضطرب كتقليد حقيقي، فتسود العملية على النتيجة ولا أحد يريد الإجابة عن النتيجة، وأعتقد الأمر إن أصبح أكثر أو أقل وضوحًا فيتم تشكل الموضوع في مجال المعاني لأنه إن لم تكن هناك ثقافة كورونية فلن يكون هناك معنى؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن الناس لا يعيشون ولكنهم يقلدون الحياة، إذ هناك تقنيات إنسانية سيئة السمعة تهدف إلى تجريد الإنسانية من إنسانيتها ويتم استخدامها لتدمير الذاتية والحضارة والقدرة على التصرف فيما يتعلق بالكيانات السياسية، لكن ماذا عن السياسة الكورونية؟ هل السياسة وهي في عز ازمة الكورونا وبدون حضارة كورونية ممكنة؟ وما هي ثقافة الوعود الانتخابية لأولئك الذين غيروا وعودهم لشعوبهم بعد الجائحة وقبلها؟ وهل علينا ألان إن نصدق شخصًا من الذين ينتمون إلى الحياة السياسية؟
هذه العملية مؤلمة وقد لا ترغب في ذلك لذا فمن الضروري أن تتعرف كثيرًا وأن تفهم الكثير عن نفسك، فالحقيقة هي أنه في ظل هذه التعاطف والكراهية المبسطة فأن النظرة إلى العالم نفسية و الهوية جزئية، ونحن نعيش في حالة من العجز عن ادراك ماهية الحضارة الكورونية ومفهوم ثقافة محاربة الفساد الكوروني، وبهذا الوضع الخطير نحن نعيش بسلسلة نكسات في العديد من النواحي، والآن لا يهمنا محاربة الفساد على الإطلاق لأننا مجتمعيا بعد الكورونا لا نملك حتى جرأة التفكير بمحاربته بعد إن أصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة وتحوله إلى ممارسة اجتماعية عادية، لذلك رسميا سوف يتقاتلون معه بالكلمات وفقط من أجل ضرب منافس سياسي أخر، وما تبقى لدينا سوى صرخة الروح استجابة لكل المشكلات الزائفة التي نقترح مناقشتها فما الخطأ في تناول وهضم الحضارة الكورونية باعتبارها الجزء الملموس والخالص، وفي النهاية، فلربما هي الوحيدة التي ستبقى وتبقينا !!!