الجمعة 08 رمضان 1441 هـ - 1 مايو 2020 م
كورونا... وترامب !!!
بقلم د/ محمد سعيد محفوظ عبد الله
الصين وترامب:-ما على الرئيس الأمريكى ترامب، من مَلام ، إنْ هو أقدم على توقيع أقصى العقوبات على الصين، وكُلُّ من آزرها؛ ذاك لأنها تكتمت على أمر جائحة كورونا ؛ فهى فضلاً عن كونها معقل الأوبئة جميعًا ، كما ذهبت إلى ذلك ، صحيفة (وول ستريت جورنال) فى مقال الأربعاء، 3 فبراير 2020 ، حين نعتت الصين بأنها: رجل آسيا المريض الحقيقى؛ ووفقا لما جاء في مدونة "التاريخ المتحرك" بصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، فإن الصين وجيرانها يشكلون المهد التاريخي للأوبئة التي ميزت تاريخ العالم منذ العصور القديمة ؛ لقد أكدت الدراسات عِلَّة ذلك؛ حيث يتمثل فى نظام الزراعة الخاطىء المتبع من قِبَل الصينيين قديمًا، علاوة على العادات السيئة وتناول أى دبيب يدب على الأرض ، من خفاش، ونمل ، وثعابين ، وديدان..إلخ.
أضف إلى ذلك أن الصين ، هى الأعلى فى نسبة الزيادة السكانية، كما أنها الأعلى فى النشاط التجارى ، وتجوب تجارتها أرجاء وأحناء الكرة الأرضية تقريبًا، حتى إنها لتغزو بتجارتها أسواق الولايات المتحدة الأمريكية ، العدو اللدود، ظاهريًّا ، على الأقل ، ؛ فهذا الاختلاط والتخالط بسكان بلاد العالم ، يسمح بانتشار الأمراض واستيطانها البلاد والعباد.
الأمر لا يقف عند القول بأن الصين ، مقطن الداء ؛ بل يتجاوز ذلك بكثير ؛ حيث المسلك الخاطىء الذى انتهجته حيال تلك الجائحة وأخواتها الجائحات الأخريات ؛ ففى الصين نظام الحكم الشمولى ، الذى لا يسمح لأحد لأن ينبت ببنت شفة إلا بأمر السلطات ، وبإيعازٍ منها ، وعلى مرمى حجر، ومسمع ومرأى منها، حدث ذلك مع الطبيبة آى فان ، التى استشعرت بوادر وملامح هذه الجائحة ، وأرسلت للسلطات الصينية ، تخبرها بهذا الفزع، وذاك الجزع ، بيْد أن السلطات الصينية أوعزت إليها بالتكتم ، حتى على أخص الأقارب، حتى على زوجها، وأحسَّت بأنها، ربما زُجَّ بها فى السجن؛ إنْ هى خالفت تلك التعليمات فتيلاً ( وذاك حسب ما ذكرته صحيفة لوموند الفرنسية فى الاثنين الموافق 6 من إبريل 2020 )
وذات الشأو حدث مع الطبيب الصينى لي وينليانغ ، الذى توصل إلى تلك الجائحة ، وأراد تحذير الناس والسلطات إزاءها ؛ إلا أنه "وعقب 4 أيام زاره مسؤولون من مكتب الأمن العام وألزموه بالتوقيع على ورقة نصّ فحواها على اتهامه "بالإدلاء بتعليقات غير صحيحة" ترتب عليها "إخلالا جسيما بالنظام العام" وورد في الرسالة: "نحذرك بشكل رسمي: وإذا تماديت في عنادك، بهذا القدر من الوقاحة، وتابعت هذا المسلك غير القانوني، فسوف تمثُل أمام العدالة - هل هذا مفهوم؟".وفي آخر الرسالة، وقّع وينليانغ بخط يده: "نعم، مفهوم".
وكان وينليانغ واحدًا من بين 8 أشخاص خضعوا للتحقيق من قِبل الشرطة بتهمة "نشر شائعات".نقلاً عن (المصدر: دبي - العربية.نت - قنوات : " سكاي نيوز " والجزيرة " و " التركية- الخميس 12 جمادي الثاني 1441 هـ - 06 فبراير 2020 KSA 20:46 - GMT 17:46) .
لقد اجترحت الصين فى حقها ، وفى حق قاطنى الكرة الأرضية ، آثامًا عِظامًا ، ومن ثمَّ، فلا غرو إنْ فرض عليها المجتمع الدولى عقوبات اقتصادية وسياسية أو عاقبها بعقوبات أخرى تتواءم وحجم ما نعانيه ونقاسىه اليوم ، على مختلف الأصعدة : صحيًّا، واقتصاديًّا وتجاريًّا وسياسيًّا وعسكريًّا..إلخ.
كان على الصين أن تُعلى المصلحة الإنسانية على ما سواها، وتعلم علم اليقيم أن أى اعتبار يتضاءل حيال الوجود الإنسانى؛ حيث خشيت على تجارتها التى تطوف المشارق والمغارب، وكان عليها ضرورة التدبر وتعلم أن الفناء الذى بات جاثمًا على صدور البلاد فى كل عصر ومصر آنئذ ، حتمًا سيطال تلك التجارة ويطاول ملياراتها ، كثرت أو قلَّت ، وما من شكٍ فى أن ذلك سيعلى قدرها ، وسيئد تلك النازلة فى مهدها قبل أن تبلغ حد اليفاع ، وهذا ما نحَت إليه الهيئة الطبية ، التى شملت أطباء صينيين ، أنفسهم (ففي دراسة نشرها موقع medRexiv في 13 مارس/آذار 2020، أكد اثنا عشر عالما من جامعات بريطانية وصينية وأمريكية، بأن الصين لو لم تتأخر في إقرار الإجراءات الكفيلة بمنع تفشي العدوى ومن ذلك التباعد الاجتماعي، لأسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة، لكان بالإمكان خفض عدد الإصابات في البلاد بنسبة قد تصل على التوالي إلى 66 بالمئة، 86 بالمئة، أو 95 بالمئة").
وفى السياق ذاته ، لا ينأى مسلك إيران عمَّا اقترفته الصين ، "حين ندد مصدر سعودي مسؤول، حسبما نقلت وكالة الأنباء السعودية واس، الخميس، الموافق 23-4-2020 بما سماه "سلوك إيران غير المسئول لقيامها بإدخال مواطنين سعوديين إلى أراضيها، دون وضع ختم على جوازاتهم" ولولا ذاك المسلك المُشين ، لما وطىء ذاك اللعين ، أرض الرسول صلَّى الله عليه وسلم ، وما لامس سكانها الأطهار.
إننا جميعًا نشايع الرئيس الأمريكى فى ذاك النهج الذى يزمع إقراره، والقاضى بتوقيع أقصى العقوبات على منْ حمل ذلك الحتْف المميت للبشرية جمعاء، والذى فى ظنِّى لن يبلغ شيئًا قُبالة، هذه الجائحة الماحقة، التى هى قياسًا ، إلى تلك العقوبات المرتقبة ، أقل دفعًا،ألين وقعًا، أهون سفعًا.