محمد داوود - جدة: الحامد : المقارنة السلبية بالآخرين تضعف الثقة بالنفس وتمهد للإحباط النفسي
الخميس 22 ذو الحجة 1443 هـ - 21 يوليو 2022 م
محمد داوود - جدة
أكد استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد ، أن بعض الأشخاص للأسف يضعفون شخصيتهم نتيجة مقارنة أنفسهم بالآخرين والتقليل من شأن أنفسهم بما يمتلكه الآخرين ولا يمتلكونه هم ، وبالتالي يكونون عرضة لبعض الانعكاسات النفسية مثل القلق الدائم والإحباط والحزن والتفكير السلبي المستمر وعدم القدرة على الإنتاجية وانشغال الذهن بأمور سلبية.
وقال إن أكثر المقارنات السلبية تحدث في جانب المال والحياة المخملية التي يعيشها البعض ، فكثير من الأشخاص يشغلهم هذا الأمر لماذا فلان أفضل مني رغم أن مستوانا وأمورنا الاجتماعية متساوية ، ولهؤلاء أقول أن الله سبحانه وتعالى فضل بعضكم على بعض في الرزق ، إذ أخبر سبحانه في هذه الآية، وفي غيرها من الآيات، عن سنة أقام الله عليها الحياة، وفطرة فطر الناس عليها؛ سنة ماضية بمضاء الحياة، لا تتبدل ولا تتغير؛ إنها سنة التفاضل والتفاوت في الرزق، وأسباب الحياة الأخرى المادية والمعنوية ، وهذه الآية قد جاءت لتقرر أمر التفاوت والتفاضل بين العباد، لأمر يريده الله، قد يكون ابتلاء واختبارًا، وقد يكون غير ذلك؛ فالله سبحانه - لا غيره - بيده رزق عباده، وإليه يرجع الأمر في تفضيل بعض العباد على بعض، ولا يسع العبد إلا الإقرار بذلك، والتسليم لما قدره الله لعباده، من غير أن يعني ذلك عدم السعي وطلب الرزق والأخذ بالأسباب.
وتابع " الحامد" أتعجب من بعض الأشخاص عندما يضع المقارنة بما لدي الآخرين وليس لديه ، وهذا الأمر له تبعات نفسية على الفرد ، فلا يشعر بلذة السعادة بما لديه ولا يقتنع بحياته ، ويظل هاجس بما عند الآخرين يشغله بشكل دائم ، وإذا نظر حوله ليجد أنه يمتلك مقومات النجاح في الحياة قد لا يمتلكها الآخرين مثل الفقراء والمرضى وغيرهم ممن يعانون نفسيًا وجسديًا في حياتهم ، فكل ما يشغل ذهنه لماذا فلان أفضل مني في المعيشة والرزق والملبس والراتب وغير ذلك ، فكل هذه الأمور هي أرزاق كتبها الله للناس وفضّل بعضهم على بعض.
وأضاف أن المقارنة المستمرة بالآخرين تؤدي إلى انخفاض الثقة في النفس واحترام الذات ، وعليه يجب مقاومة الرغبة الداخلية لمقارنة النفس بالآخرين عن طريق مراقبة طريقة النظر للنفس وجعلها خالية من أي حالة سلبية، وتعزيزها بالثقة الذاتية ، فلابد أن يضع الفرد لنفسه الأهداف الواضحة حتى تخلق لديه حالة من الاستقرار النفسي والثقة وتتكرس السلوكيات التي تعزز الرؤية الإيجابية للنفس.
وخلص " الحامد" إلى القول : لابد على الفرد أن يكون مقتنعًا بما لديه ، وأن ما يملكه الآخرين لن يغير من حياته مثقال ذرة، فما يملكونه هو ملك لهم ، وضرورة
الاستعانة بالتقييم والتأكيد الداخلي والتفكير العميق ، فإن أراد الشخص التوقف عن عادة مقارنة نفسه مع الآخرين، يجب عليه أن يكون قادراً على تحمل التقلبات التي قد يواجهها في حياته ، ضرورة تغيير النظرة من الخارج إلى الداخل بمعنى توجيه الاهتمام بالنفس والتركيز على نقاط القوة التي تمتلكها ومعالجة نقاط الضعف ، وأخيرًا لابد أن يؤمن الفرد بأن الرضا والقناعة تجعل الإنسان شخصًا مسالما ولا يسعى إلى أهدافه إلا بطرق شرعية ومقبولة”، ويكون بذلك إنسانا يشعر بـ “السلام الداخلي” بينه وبين نفسه، وبالمقابل يكون فردا مؤمنا بكل ما وهبه الله له ، فالإيجابية التي يتمتع بها الإنسان “القنوع بما لديه من صفات” تجعل منه “شخصا معطاء ويرضى بما قسمه الله له”، وتلك الإيجابية تنعكس على حياته بشكل كبير ، فلا يوجد إنسان كامل في الحياة، وليس من الضروري أن يكون الإنسان لديه كل شيء جيد.