الطبيب - محمد داوود- جدة:
كشف استاذ واستشاري الأمراض الصدرية وطب النوم مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز البروفيسور سراج عمر ولي ، عن دراسة جديدة تشمل مناطق المملكة لرصد مدى انتشار "القيلولة" في المجتمع السعودي وتوقيتها ومدتها يجريها الدكتور أحمد بامقوص أستاذ مساعد في فسيولوجيا النوم بجامعة الملك عبدالعزيز فرع رابغ و بالتعاون مع مركز طب و بحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة .
وأوضح "ولي" أن "القيلولة" هي فترة نوم قصيرة تحدث عادة أثناء النهار أي أثناء فترة اليقظة، وهي في الغالب تساعد الشخص على الاستمرارية في اليقظة وأيضا تساعده على استرجاع طاقته البدنية ، وتعرف عند الأسبان بـ"سيستا" ، بمعنى أخذ الغفوة يومياً بعد طعام الغداء ظهراً ، مبيناً أن أخذ الغفوة أو القيلولة امر شائع في المجتمعات ، فثلث سكان أمريكا يلجؤون إلى أخذ قسط من الراحة أثناء النهار، ولكن هذه النسبة تزداد عند كبار السن لتصل إلى 60% وتنخفض عن الصغار البالغين لتصل إلى حتى 20%.
وتابع "ولي" أن من أهم فوائد القيلولة هو استعادة الطاقة وتقليل الإرهاق والتعب الذي ينتاب الشخص أثناء النهار، وأيضاً تساعد في تخفيف أثر الحرمان من النوم أو عدم أخذ القسط الكافي من النوم ليلاً فتحد من النعاس المفرط أثناء النهار ولا سيما عند عمال الورديات ، كما أن القيلولة القصيرة تساعد أيضا على زيادة التركيز وتقوية الذاكرة وشحن الهمم لمواصلة العطاء فترة العمل أثناء النهار.
وأشار إلى أن هناك دراسة أظهرت أن القيلولة مرة أو مرتين في الأسبوع ربما تؤدي إلى خفض الإصابة بأمراض القلب والدماغ كالإصابة بالذبحة الصدرية أو الجلطات الدماغية، ولكن المزيد من الأبحاث في هذا المجال مطلوبة للتأكد من هذه التأثيرات الايجابية للقيلولة، كما أن هناك دراسة أشارت إلى أن القيلولة تقلل من القلق والضغط النفسي الناتج على قلة النوم وأيضاً تقوي جهاز المناعة المتأثر سلباً بقلة النوم. ولا يخفى علينا أن القيلولة المُخطط لها تساعد في بعض اضطرابات النوم وعلى رأسها النوم القهري، حيث إن القيلولة القصيرة تؤدي إلى إعادة نشاط الشخص وتبديد النعاس ولو لفترة وجيزة.
وعن "القيلولة" ومراحل النوم قال : للنوم عدة مدارات وكل مدار يعبر عن مرحلة من مراحل للنوم. المرحلة الأولى نوم سطحي جداً والمرحلة الثانية ترتخي فيها العضلات ويرتاح فيها الجسم وهي تعتبر مرحلة سطحية أيضاً، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة النوم العميق ويصعب استيقاظ الشخص منها. المرحلة الأخيرة هي النوم الحالم وهي التي تشل فيها كل العضلات وتتم فيها عملية الأحلام، فالقيلولة القصيرة هي التي لا تتجاوز مدتها الثلاثون دقيقة، وهي تقتصر عادة على المرحلة الأولى والثانية أي أن النوم يكون فيها سطحياً مما يسهل على الشخص الاستيقاظ من القيلولة مستعيداً نشاطه وحيويته وتركيزه، أما إن طالت هذه القيلولة فهذا يترك مجال في أن يدخل الشخص في النوم العميق وبالتالي يصعب استيقاظه من هذه المرحلة وإن استيقظ منها يستيقظ بأعصاب مشدودة وضبابية في التفكير وضعف في التركيز والدوار. وحول سؤال عن كيفية جعل القيلولة صحية أجاب البروفيسور ولي: هناك مثلث يتوجب تطبيقه لكي يحصل الفرد على قيلولة صحية: أولاً مدة القيلولة: فالقيلولة لا يجب أن تزيد مدتها عن نصف ساعة فهي تتراوح من 10-30 دقيقة للأسباب التي ذكرت في الأعلى. ثانياً: توقيت القيلولة: لكي لا تؤثر القيلولة سلباً على جودة النوم ليلاً ولكي تكون مؤثره إيجاباً في فترة العمل أثناء النهار يجب أن تكون بعيده عن توقيت النوم ليلاً بـ 8 ساعات ، ولكن عند كثير من الناس تحدث القيلولة طبيعياً بعد تناول طعام الغداء في فترة الظهيرة وهو ما يسمى “بالتراجع بعد الغداء” وهذا له علاقة بالساعة البيولوجية، حيث أنه طبقا للساعة البيولوجية نجد أن الرغبة في النوم تزداد بعد الاستيقاظ صباحاً تدريجياً إلى أن تصل إلى درجة عالية عند فترة الظهيرة تقريباً حوالي الساعة الثانية ظهراً ، ولذلك نشعر بالنعاس في تلك الفترة والرغبة في أخذ قسط من الراحة ، والقيلولة هنا تخفض من هذه الرغبة للنوم وتعيد النشاط للجسم وقوة الانتباه ، ثم تزداد الرغبة للنوم مره أخرى تدريجياً لتصل أقصاها في أول الليل، ولذلك أخذ القيلولة وقت المنام ليلاً ربما يؤدي إلى خفض تلك الرغبة للنوم وبالتالي تكون الغفوة مسببه للأرق ولاضطراب النوم ، وهناك بعض الدراسات تشير إلى أن القيلولة المطولة ربما تكون مرتبطة بداء السكري وربما يكون لها علاقة بزيادة الدهون في الكبد وأيضاً ربما يكون لها علاقة بارتفاع ضغط الدم، ولكن نحتاج المزيد من الأبحاث في هذا المجال للتعرف أكثر على هذه العلاقة بين القيلولة وتلك الأمراض. ثالثاً اختيار المكان المناسب للقيلولة: في البيت يكون طبعاً غرفة النوم مع الحرص على استخدام الستائر حتى تحجب ضوء الشمس وأيضاً ربما يستخدم أجهزة تصدر صوتاً مرتفعاً على نمط واحد لكي تخفي الضوضاء الخارجية ، وإن كانت هذه القيلولة او الغفوة في مكان العمل كما هو الحال عند عمال الورديات مثلاً فأيضا يحرص الشخص على الحصول على مكان هادئ لتجنب تقطع هذه القيلولة وبالتالي افتقاد فوائدها على اليقظة والتركيز. ربما استخدام غطاء العيون يساعد في هذا الأمر.
ولكي تحد من الدخول في النوم العميق ولحصر القيلولة على 30 دقيقة بحد أقصى يفضل استخدام الساعة المنبهة لهذا الغرض ، ولعل شرب القهوة أو مشروب الكافيين قبل القيلولة مباشرة ثم اللجوء إلى القيلولة لمدة نصف ساعة أمر محمود، وذلك عند الاستيقاظ يستعيد الشخص حيويته ونشاطه ويقظته بسب بمفعول القيلولة وأيضا بسبب مفعول الكافيين الذي يبدأ عمله بعد نصف ساعة.
وخلص "ولي" إلى القول: تقدم القيلولة فوائد متنوعة للبالغين الأصحاء، بما في ذلك: الاسترخاء، انخفاض التعب، زيادة اليقظة، تحسين المزاج، أداء أفضل، بما في ذلك وقت رد فعل أسرع وذاكرة أفضل ، كما يمكن أن تؤدي القيلولة في وقت غير مناسب من اليوم أو لفترة طويلة إلى نتائج عكسية، مثل قلة النوم ، وقد يشعر الشخص بالدوار والارتباك بعد الاستيقاظ من قيلولة ، ولا تؤثر القيلولة القصيرة بشكل عام على جودة النوم ليلاً لمعظم الناس ، ولكن إذا كان الفرد يعاني من الأرق أو قلة النوم ليلاً، فقد تؤدي القيلولة إلى تفاقم هذه المشكلات ، فإطالة مدة القيلولة أو الغفوة وتكرارها قد تتداخل مع النوم الليلي .