2012-09-29 15:55:03
النداء الأخير
بقلم : د.منير لطفى ..
افتقد بعض الجيران عجوزا يعيش وحيدا فاقتحموا بابه وأتوا به فزعين فعاينته في سيارة مكشوفة ممددا على حصير يغطيه ملايين من الدود تنهش بكل قوة كل ذرة في جسده فلا تطالع أنفا دقيقا ولا وجها غضا ولا عينا خضراء ولا وجنة حمراء . فهل وصلك النداء؟؟؟
لسنا إزاء طائرة ينادى بصوت مسموع على ركابها ليتجهوا فورا للركوب، ولكننا بصدد نداء للأرواح والقلوب في سفينة الحياة حيث نسيح في الأرض ونشرق ونغرب ونتصور أن كل مافيها ممكن وقريب فنلهث وراءه ونركض خلفه ركض الوحوش.
أما الذى هو أقرب إلينا من شراك نعلينا و يتعقبنا ليل نهار فكلنا -إلا مارحم ربى- يتصوره بعيد المنال حيث مازال صغيرا لم يبلغ من العمر أرذله ومازالت أمانيه وأحلامه في العمل والزواج والأولاد لم تتحقق بعد وكلها لعمرى أماني كاذبة وأحلام واهية ووساوس الغرور.
إنه نداء الموت
بلا تدقيق ولا كثير تمحيص نجد أن كل مابنا وما حولنا يموت أمام ناظرينا شاهدين مقرين وفى ذات الوقت لاهين وغافلين.
هاهو شعرنا كل يوم يموت ويتساقط ،وجلدنا كل يوم يموت ويتقشر ،وملابسنا كل حين تبلى وتتمزق. أجدادنا ماتوا وجدات أصدقائنا ماتوا وبعض أصدقائنا ماتوا وزرعنا في أرضنا ذبل ومات وماشية آبائنا مرضت وماتت .والقلم الذى كتبت به بلى وفنى ،والكرة التى لعبت بها تمزقت وانتهت......... .بل نحن كل يوم ننام فنموت .
لو أن ذكرى الموت ماثلة أمام أعيننا ماغفل أحد منا عن طاعة ولا تخلف عن عبادة ،وما غش ولا نافق ،وما كذب ولا غدر، وما سرق ولا نهب .
قد أكون أنا أو أنت هذا العجوز الممدد على الحصير .....فماذا نحن فاعلون!!!!!!!
من لم يكن له من الموت واعظ فلن تنفعه المواعظ