رسالة إلى وزير الصحة المصري ..حقيقة الأطباء الغائبة عن الناس بقلم د. أحمد عاطف
2009-09-02 05:04:44
أكتب هذه الكلمات وأنا على ضفاف النيل أتذكر ما حدث لى خلال 18 شهرا قضيتهم فى وزارة الصحة المصرية منذ تعيينى فى مارس 2008 كان عمرى حينها كعمر أى طبيب حديث تخرج 25 عاما ومرتبى 150 جنيه يصل بالبدلات الى 250 جنيها والباقى المزعم عبارة عن ..
حوافز فى صورة 150% حافز طبيب (200 جنيها ) و350 فى المية حافز تميز (460 جنيها ) اى ان الاجمالى ما يزيد قليلا عن 900 جنيها وهنا أريد أن أوضح حقيقة طبيعة صرف هذه الحوافز للأطباء التى وصلت تصريحات المسئولين انها تصل بالحد الأدنى الى 1359 جنيها ! المبلغ الثابت هو 250 جنيها فى حالة عدم وقوع جزاءات أما الحافز ( الوهمى ) فيعتمد على تقييم مدير الادارة الصحية وأتباعه وهذا غالبا ما يخضع (لمزاج) سيادته الخاص أى أن الطبيب لابد أن يكون ( عبد مطيع ) مذلول دائما حتى ينجح فى التقييم الذى لابد أن يتعدى ال 75 % حتى يحصل على عليه ففى الغالب يحصل الطبيب على ثلاثة ارباعه أو نصفه أو ربعه او حتى لاشئ منه طبقا لمعايير تعسفية متشددة بل متخلفة فان غاب الطبيب يوما عن العمل يخصم منه ربع الحافز أى 116 جنيها وهكذا دواليك وان طلب أجازة اعتيادى من رصيد اجازته السنوية حرم من الحافز عن هذا الشهر وحتى ان نجح فى التقييم ولم يغب ولم يحصل على أجازات فان صرف الحافز فى هذه الحالة يعتمد على بند يسمى ( توافر الميزانية ) بمعنى أنه لابد من توافر اعتمادات مالية بالمديرية ليصرف الطبيب الحافز بمعنى أنه حتى اذا نجح الطبيب فى تقييمه التعسفى المتخلف من قبل الادارة والمديرية والوزارة فانه قد لا يحصل على الحافز وان حصل عليه فقد يتأخر فى الصرف بالشهر والشهرين . أى أننا وصلنا لنقطة البداية وهى الأساسى بالبدلات (250 جنيها ) ولا أدرى كيف خرج علينا وزيرى المالية والصحة بتصريحات تقول أن الحد الأدنى لأى طبيب حديث التخرج هو 1359 جنيها فحق لا أعلم كيف حسبوها بهذه الدقة المتناهية !!! نأتى الى المطلوب من الطبيب مقابل هذا وذلك عن تجربتى الشخصية فى التكليف الذى كنت أذهب الى مقر الوحدة المكلف بها بعربات النصف نقل وسط البط والأوز . كان يتوجب على العمل 24 ساعة يوميا لمدة 13 يوم متواصل أحصل بعدها على راحة يوم واحد فقط ثم أتواصل 13 يوم أخرى وهكذا صباحا عمل رسمى وباقى اليوم استقبال طوارئ حتى لو لم يتواجد مريض واحد طوال اليوم وكان السكن متوافر ولكن بدون وجبة واحدة فكنت أضطر أن أجلب غذاء يكفى لمدة أسبوعين نظرا لعدم السماح لى بمغادرة العمل مهما كانت الظروف والأسباب فالمرور من المسؤولين كل ساعة علما بأنى أعول أسرتى واخوتى فى غياب والدى المريض والمسافر بالخارج وعلما أيضا بأن المسعف الخاص بالوحدة معى له سكن خاص به وله 3 وجبات تصرف له يوميا وعمله 15 يوم فقط شهريا ويتقاضى حوالى 1500 جنيها شهريا وبدون تقييم وكثيرا قد تمر نوبتجيته دون أن يتحرك من سريره . بالنسبة لطبيعة عملى فقد كنت أقوم بالكشف الطبى عن كل التخصصات كممارس عام وسعر الكشف جنيها واحدا يورد لبنك القاهرة ويتراوح عدد الكشوفات صباحا من 40 الى 70 كشف غير حالات الاستقبال طوال اليوم كما كنت أدير أيضا صيدلية الوحدة وأقوم بنقل وتوريد الأدوية شهريا من الصيدلية المركزية التى تبعد حوالى 20 كيلو من عملى على حسابى الخاص بالاضافة الى أعمال التطعيمات ورعاية الحوامل وبرنامج الطفل المريض وتنظيم الأسرة والأعمال الادارية الأخرى من مواليد وكشف على الوفيات ( مفتش صحة ) وكل صغيرة وكبيرة تتعلق بالصحة داخل البلد المسؤول عنها. كثيرا ما كنت أفكر لماذا يعاملون الطبيب المفترض أنه من أعلى فئات المجتمع قيمة بهذه السخرة وهذه الطريقة المستعبدة فى بداية حياته بدون مقابل مادى محترم ولا حتى علمى بحجة أن الطب ما هو الا رسالة انسانية . ألست بشر أستحق التقدير والاحترام نظير الخدمة التى أقدمها لما يقرب من 15 الف نسمة أشرف عليها منفردا خاصة فى نظام طب الأسرة الجديد الذى يتطلب الكشف العام على كل أفراد القرية (15 الف نسمة ) بدون مقابل وللعلم فان ملفات طب الأسرة فى 99% من الوحدات ( مفبركة ) لأنه يستحيل نظريا الكشف على هذا العدد فى مدة شهر حتى لو سهرت عليهم دون نوم . كثيرا أيضا ما كنت أسأل نفسى عن كم الأجهزة المتكلفة الثمينة جدا والتى لاأستفيد منها علميا ولآ يستفيد منها المواطن كثيرا وماهى فى نظرى الا ( سبوبة ) تسوقنا فى النهاية الى قضية فساد كبرى خاصة بتوريد هذه الأجهزة فجهاز مثل السونار ثمنه يتعدى ال 50 الف جنيها ( وقد عرفت هذا من فاتورته ) لم أحصل على دورة كى أفيد الجمهور به فضلا عن أجهزة المعامل التى تتعدى ال 600 الف جنيها فى الوحدة الواحدة دون استفادة منها فهى (بكراتينها ) تدخل العهدة وتكهن بعد ذلك وترد لعدم الاستفادة ثم تورد من جديد على انها جديدة ( كما علمت من أمناء المخازن ) ودون وجود فنى معمل مدرب عليها من الأساس وللعلم يوجد بمحافظتى الصغيرة حوالى 150 وحدة صحية فضلا عن المراكز الطبية والمستشفيات ممدة بهذه الأجهزة غير أجهزة الكومبيوتر ( عدد من 3 – 8 كومبيوتر فى كل وحدة ) يتعدى ثمنها 4000 جنيها وثمنها الحقيقى من المواصفات يزيد عن ال2000 جنيها بقليل ولاأعلم لكل هذا العدد من الأجهزة فائدة غير أنى كنت ألعب عليها ( السوليتير ) فى وقت فراغى . الآن وأنا على وشك استلام النيابة وبداية حياة التخصص والتعليم (5سنوات ) وأمامى مستقبل مجهول بعد هذه التجربة المتخلفة فى التكليف قد علمت لماذا استقال ما يزيد عن 11 ألف طبيب شاب من القاهرة فقط خلال ال9 سنوات الماضية . لقد سأمنا شكاوى للنقابة والصحة والمالية ورئاسة الوزراء لتحسين أوضاع الأطباء المادية والعلمية والمهنية وليس لنا الآن سوى الله نشكو له فيبدو أن الدولة لها اهتمامات أخرى لاأعلمها أكثر أهمية من الطبيب الذى يوفر المليارات على الدولة نظير دوره الحيوى فى وقاية المرضى وعلاجهم من كافة أمراض العصر بعد الله عز وجل . كيف أواجه التزامات حياتى من زواج وارتفاع مهول فى الأسعار ومكالمات وملابس وغذاء وفواتير وايجار وغيرها بل كيف أعطى وأبذل كل ما فى وسعى لتقديم خدمة صحية مميزة وأبدع وابحث فى مجالى وأتميز فيه وأنا غير راضى نفسيا ولا ماديا ولا علميا وكل همى ينحصر فى مستقبلى المجهول وكيف سأوفر قوت يومى القادم هل اذا توقفنا عن العمل 6 ساعات اقتداءا بسائقى النقل العام سوف تعطينا الدولة حقوقنا وتحترمنا وتنظر الى مطالبنا المستحقة العادلة والغير مبالغ فيها . وللحديث بقية اذا كان فى العمر بقية د/أحمد عاطف مؤسس حركة شباب أطباء مصر