هل يمكن أن تطبق علم النفس على حياتك اليومية؟ هل تعتقد أن علم النفس مخصص للطلاب والأكاديميين والمعالجين فقط؟ هل يمكن اعتماد الاشخاص غير المتخصصين عليه في حياتهم اليومية؟، هل يمكن لعلم النفس أن يحسن من جودة الحياة فعلاً ؟، هل يمكن أن يكون علم النفس أسلوب حياة؟.
سنعرف هذه الإجابات من خلال عدة مقالات متتالية والبداية في هذا المقال.
تعالوا معنا في البداية نتعرف على فروع علم النفس بشكل مختصر وعلاقاته بمختلف الأنشطة الإنسانية والمعارف المتنوعة فهيا بنا:
علم النفس الحيوي " البيولوجي " : يسعى علماء النفس الحيوي إلى فهم الكيفية التي يؤثر بها الجهاز العصبي في السلوك، في عدد من المجالات، من قبيل النوم، والأداء الحركي، ومرونة الجهاز العصبي.
علم النفس المعرفي : يركز علماء النفس المعرفي على دراسة الكيفية التي تؤثر بها أفكارنا ومعارفنا في سلوكنا، ومن الموضوعات التي يهتم بها في هذا الإطار الإحساس، والانتباه، والإدراك، والتفكير، والذكاء، وحل المشكلات.
علم النفس الارتقائي : الدراسة العلمية للارتقاء عبر العمر، سواء كانت تتعلق بالتغيرات الجسدية عبر المراحل العمرية، أو بالتغيرات النفسية، والمعرفية، والتفكير الأخلاقي، والسلوك الاجتماعي.
علم النفس الشخصية : يركز على تحديد سمات الشخصية، وسبل قياسها، وأنماط تفكيره وسلوكياته التي تجعله متفردا، وكيفية تطور شخصيته عبر العمر، وكيف تتفاعل مع الموقف المحيط لكي يتصرف بطريقة معينة. ومما يجدر ذكره أنه قد ظهرت تصنيفات متعددة للسمات المحورية للشخصية من قبيل نظرية " أيزنك " ثلاثية الأبعاد للشخصية، ونظرية " كوستا وماكراي " للعوامل الخمسة للشخصية : التفاني، والعصابية، والانفتاح على الخبرة، والانبساطية، والسماحة.
علم النفس الاجتماعي : يهتم بدراسة تفاعلات الأفراد الإيجابية كالصداقة، والتعاون، والسلبية كالتعصب، والعدوان، واتجاهاتهم، وتصوراتهم الاجتماعية، وطبيعة تأثير الآخرين في سلوك الفرد، وطريقة تفسيره للمواقف والأحداث الاجتماعية.
علم النفس الصناعي والتنظيمي : يطبق النظريات والمبادئ والنتائج البحثية النفسية في مجال البيئات الصناعية والإدارية، ويسعى علماء النفس الصناعي والتنظيمي إلى بحث القضايا المتعلقة بإدارة العاملين، والهيكل التنظيمي، وبيئة العمل، وكيفية اتخاذ قرارات التوظيف، وتوفير بيئة تؤدي إلى زيادة مستويات كفاءة وإنتاجية العاملين.
علم النفس الصحي : يوظف المبادئ النفسية لوقاية الفرد، وعلاجه من الأمراض الجسدية، ويركز على كيفية تأثر الصحة بتفاعل العوامل الحيوية والنفسية والاجتماعية والثقافية، ويهتم علماء النفس الصحي بمساعدة الأفراد على تحقيق صحة أفضل، وحثهم على تعديل أنماط السلوك السلبية التي تسهم في تدهور الصحة.
علم النفس المرضي " الاكلينيكي " : يسعى لتطبيق المبادئ النفسية لتشخيص، وعلاج، والوقاية من الاضطرابات النفسية.
علم النفس الشرعي : يطبق المبادئ النفسية في مجال العدالة الجنائية، من قبيل تقييم الحالة النفسية للمدعى عليه، وتقديم الاستشارات في قضايا النزاعات الأسرية، وقضايا شهود العيان، والمشاركة في عملية اختيار العاملين في مجال العدالة الجنائية.
علم النفس الايجابي هو الذي يحقق السعادة للناس. ويسعى إلى تعزيز القدرات الشخصية المتعددة، كالصمود والصلابة النفسية والتفكير الإيجابي وغيرها، وإلى تدريب الأفراد على مواجهة الضغوط النفسية، التي يتعرضون لها، والتخلص من الاحتراق النفسي، وإلى تحسين الرضا عن الحياة وجودتها، وإلى دراسة الظروف والعمليات، التي تسهم في الوصول إلى أعلى أداء وظيفي للناس
ومن خلال التعرف على فروع علم النفس المختلفة والتي تشمل جميع جوانب الحياة للإنسان ، أليس هو كعلم يمكن ان نطبقه في مختلف جوانب حياتنا ، فنجد انه على المستوى المهني : إذ تستطيع عزيزي القارئ من خلال علم النفس أن تطور من مهارات التواصل لديك وكذلك مهارات الفهم والاستيعاب بما ينعكس على أدائك في عملك وتنال النجاح والارتقاء الوظيفي الذي تحلم به، فعلى سبيل المثال سوف تتمكن من خلال علم النفس من فهم شخصية مديرك ومن ثم ما يرد في العمل وبالتالي تقوم بتلبيته ومن ثم تنال رضاه عليك، كذلك يمكنك علم النفس من فهم طبيعة زملائك والاستفادة منهم ومواجهة مضايقاتهم لك إن وجدت بكل حكمة.
وعلى المستوى الأسري : إذ يمكنك علم النفس من فهم ما يحتاجه أولادك من مشاعر وأفكار لكي تؤثر على نحو جيد في شخصياتهم وتساعد في تنميتها، كما يساعدك علم النفس أيضا في معرفة كيف تتعامل مع والديك ومع أقربائك وفهم شخصياتهم وما يحبون وما يكرهون ومن ثم تحقق اجتماعية على درجة كبيرة من التفاهم والرقي وهذا يجعلك تشعر بالود الاجتماعي الذي يشعرك بالهدوء والسعادة في حياتك.
وعلى المستوى الشخصي : إذ يساعدك علم النفس في ترتيب أولوياتك وتحديد ما يجب أن تقوم به فورا وما يجب تأجيله، وبذلك يتحقق الأمر على النحو المرضي لك ولا تشعر أنه فاتك أو قمت بتنفيذه قبل الأوان، علم النفس كذلك يجعلك توظف مشاعرك وقدراتك وأفكارك بشكل إيجابي بما يبعد عنك الإحباط والتكاسل والشعور بالخزي وغيرها من الأمور السلبية التي تشعرك بالاكتئاب والحزن وهو ما ينعكس بأضراره على مختلف جوانب حياتك.
أما على المستوى المجتمعي : وهذا المستوى لا يشتمل على الأصدقاء والجيران وحسب بل على كافة المجتمع الذي تعيش داخله وهو ما يجعلك تشعر بالفخر بأنك استطعت أن تقدم للمجتمع شيئا ينفعه وساهمت في النهوض به على أية حال، إذ تتمكن من خلال دراستك في علم النفس من تقديم النصائح والمشورة المطلوبة لكل من يحتاج إليها وتساهم بهذا في تغيير حياته للأفضل خاصة في المشكلات المتعلقة بالسلوكيات والأفكار على اختلاف مواقفها والمشكلات التي قد تتواجد معها، حتى إن علم النفس كذلك يجعلك تنتقي الطريقة المناسبة التي تقدم بها هذا النصح دون فرض أو إجبار أو أي طريقة غير فعالة.
فسواء كان هدفك هو الإقلاع عن التدخين ، أو إنقاص الوزن ، أو تعلم لغة جديدة ، او تعاني من اي مشكلة او تفتقد بعض المهارات الحياتية ، او كنت تريد ان تكون قائداً ، ناجحاً او مميزاً ، وسواء كنت قائداً او عاملاً أو طالباً ستجد أن دروس علم النفس سوف تقدم نصائح لتحفيزك. وتساعدك لتحقيق هدفك او حتى تساعدك على تخطي أزمات مالية او نفسية أو تربوية أو اجتماعية ـ وسواء كنت أماً أو أباً ستجد فرع علم النفس التربوي تقدم لك النصائح او تطبيقات عملية لتكون افضل مربي ناجح لأولادك.
إذن علم النفس يساعدك على نجاحك وتحقيق ذاتك وبالتالي سعادتك، وسنوضح في المقالات التالية ابجاث وتجارب تمت لتجعل حياتنا أفضل وليكون علم النفس هو فعلا اسلوب حياة.
وفاء السيد سليمان
أخصائية نفسية في مجلس ابوظبي للتعليم حتى 2020
مستشار تربوي وأسري