تونس - هالة العمري:
يعود تاريخ العلاج بالمياه في تونس إلى عصر الرومان، وشهدت السياحة العلاجية والاستشفائية، وتحديداً سياحة الاستشفاء بمياه البحر وبالمياه العذبة والساخنة تطوراً ملحوظاً في تونس، إذ يستقطب هذ النوع من السياحة ما يفوق الـ 200 ألف سائح سنوياً من مختلف الجنسيات، أي ما يعادل مليوني ليلة سياحية، وحافظت تونس على كونها ثاني وجهة عالمية للعلاج بمياه البحر وبالمياه المعدنية مباشرة بعد فرنسا.
تتمتع تونس بـ 95 منبع ماء معدني منها 65 منبع ماء ساخن إضافة إلى 50 مركزاً للعلاج بمياه البحر، وتعتبر مناطق قربص، وحمام بورقيبة، وجبل الوسط، وزغوان، وحمام بنت الجديدي، والخبايات، وشانشو بحامة قابس، من أشهر المحطات الاستشفائية التي يزورها السياح.
أحدث تقنيات الاستشفاء
وتعمل تونس حالياً على تنويع وتطوير منتوجاتها الاستشفائية وفق مفهوم عصري يستجيب إلى الأبعاد الوقائية والعلاجية للمياه، بعيداً عن المفهوم التقليدي الذي كان يقوم على استعمال هذه المياه للاستجمام فحسب، وتحرص في هذا الإطار على تدعيم المحطات بالتجهيزات الضرورية واستخدام أحدث تقنيات المعالجة وتطعيمها بإطارات طبية كفؤة بشكل يضمن تلبية حاجيات المتوافدين عليها في أفضل الظروف، وفق ما قال المدير العام للديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه ونائب رئيس المنظمة العالمية للاستشفاء بالمياه وعلم المناخ رزيق الوسلاتي.
وتعتبر تونس رائدة في مجال الاستشفاء بمياه البحر وبالمياه العذبة والساخنة". وتابع أن "تونس تعتبر البلد الوحيد في العالم الذي لديه هيكل حكومي يهتم بالعلاج بالمياه والاستشفاء؛ وهو الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه"، معتبراً أن تأسيس الديوان ساهم في هيكلة القطاع ضمن نصوص قانونية وشروط تتماشى مع جودة الخدمات المقدمة على مستوى العالم.
ويؤكد قال المدير العام للديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه ونائب رئيس المنظمة العالمية للاستشفاء بالمياه وعلم المناخ رزيق الوسلاتي أن "الله وهب تونس ثروات طبيعية ومياهاً عذبة جعلت من محطاتها العلاجية فريدة من نوعها، ومثلاً محطة قربص تحتوي على مياه البحر وعلى المياه الساخنة في نفس الوقت، وهو ما يجعلها نادرة".
واعتبر أنه في ظلّ امتداد شريط ساحلي على طول 1200 كلم، وتوفر مياه بحر نقية فإن العلاجات الطبية التي تقدم للمرضى، تكون وفق مواصفات عالمية.
الحرص الكبير على جودة الخدمات الاستشفائية جعل تونس تحصل مؤخراً على شهادة المواصفة العالمية رقم 17680 الخاصة بأنظمة الجودة في الاستشفاء بمياه البحر، وتعتبر وسيلة مهمّة من وسائل التسويق على المستوى الوطني والدّولي.
استقطاب خليجي
وعن الشرائح العمرية التي تزور تونس من أجل سياحة الاستشفاء، قال الوسلاتي، "أغلبهم من كبار السن ثم يليهم الكهول والشباب، ويتصدر الفرنسيون والروس والسويسريون والإيطاليون قائمة الوافدين على تونس ثم يأتي الجزائريون والليبيون والمغاربة وقد وصل العدد الإجمالي في 2014، بحسب إحصاءات رسمية، إلى نحو 106902 وافد للعلاج بالمياه، ويعتبر الألمان الأقل حضوراً؛ لأن اهتماماتهم تتجه إلى العلاج بالمياه الحارة أكثر من مياه البحر".
وأشار الوسلاتي إلى أن إقبال دول الخليج لا يزال ضعيفاً؛ لأن تونس ليس لديها فضاءات تتلاءم وحاجيات هذا السوق، مبيناً أن لديهم مشروعاً قريباً في عين أقطر، سيكون مخصصاً لاستقبال العائلات الخليجية من حيث الهندسة المعمارية والخدمات، كذلك لفت إلى وجود مشاريع عدة في مجال الاستشفاء بالمياه في الأفق، ستشمل محافظات بنزرت والشريط الساحلي عموماً، ما يساهم في فتح المجال لتوسيع سوق السياحة العلاجية والاستشفائية في تونس، في محاولة لمواجهة النزيف السياحي الذي تعرضت له تونس بسبب الإرهاب.
يرى مختصون من الأطباء أن الاستشفاء بالمياه يساعد في الطب الوقائي، والذي يوفر نفقات مهمة من حيث الحدّ من نفقات الأدوية ومن كلفة الإقامة في المستشفيات، ويساهم في نمو الاقتصادات أيضاً، إذ يساهم الاستشفاء في تحسين مؤشر أمل الحياة وتتقلص نفقات التداوي، ويندرج الاستشفاء بمياه البحر ضمن منظومة صحية قوامها الوقاية خير من العلاج؛ لذلك يعتبر الاستشفاء بالمياه صمام الأمان للسلامة الجسدية والراحة النفسية.
كما يرى الدكتور والخبير في العلاج بالمياه والتجميل محمد التليلي، والذي قال في تصريحات خاصة إلى "العربي الجديد": "حان الوقت للانتقال من التركيز على السياحة العادية إلى التركيز على السياحة الطبية والاستشفائية التي تمثل سوقاً واعدة بل هي مستقبل السياحة في تونس".