ولتشخيص المرض يجب حدوثه على مدار ثلاثة مواسم متتالية على الأقل.
واكتئاب الشتاء، أكثر شيوعا بين الأشخاص في سن المراهقة أو خلال الفترات العمرية بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين، وتصاب به النساء أكثر من الرجال مثلما الحال مع الأنواع الأخرى من الاكتئاب. كما أن التاريخ العائلي والإصابة بالاكتئاب والحياة في مناطق جغرافية تتسم بطول فترات الشتاء تزيد فرص الإصابة بالمرض. ويرجع الباحثون حدوث أعراض اكتئاب الشتاء إلى التغيرات البيولوجية في الجسم المصاحبة للتغيرات المناخية التي تؤدي إلى:
· اختلال الساعة البيولوجية (Biological Clock) نتيجة قلة التعرض لضوء الشمس وتغيرات حرارة الجسم.
· اختلال إفراز الناقل العصبي "سيروتونين" (Serotonin) في المخ، الذي يطلق عليه العلماء "جواز السفر إلى الصفاء والهدوء" لدوره المهم في الحفاظ على اعتدال الحالة المزاجية.
· اختلال إفراز هرمون "ميلاتونين" (Melatonin) الذي تفرزه الغدة الصنوبرية بالمخ ويلعب دورا مهمّا في انتظام الساعة البيولوجية ودورات النوم واستقرار الحالة المزاجية.
· اختلال التوازن الغذائي نتيجة الاعتماد على نظام غذائي غني بالسكريات البسيطة والدهون المشبعة، بالإضافة إلى الإكثار من تناول الكحوليات، خصوصا في فصل الشتاء.
أعراض الاكتئاب
وأعراض الاكتئاب عادة ما تبدأ متسلسلة وتزداد تدريجياً، وهي شبيهة بأعراض الاكتئاب التقليدية وتختلف حسب الفصول الجغرافية، فأعراض اكتئاب الشتاء تختلف عن أعراض اكتئاب الصيف.
واهم أعراض اكتئاب الشتاء (Winter depression):
· تغيرات بالشهية، خصوصا الشراهة والاندفاع لتناول السكريات والدهون.
· زيادة بالوزن.
· النوم لفترات طويلة، خصوصا أثناء النهار.
· الشعور بالخمول وفقدان الطاقة وبطء الحركة.
· عدم التركيز، خصوصا خلال فترات بعد الظهيرة.
· العزلة الاجتماعية والانطواء وعدم المشاركة في الأنشطة المختلفة.
· ضعف الرغبة الجنسية.
· الشعور بأوجاع متفرقة بالجسم.
· اضطراب الدورة الشهرية (لدى السيدات).
أما أعراض اكتئاب الصيف (Summer depression) فهي:
· ضعف الشهية أو فقدنها.
· فقدان الوزن.
· الأرق.
· الشعور الدائم بالتوتر والعصبية.
· زيادة الرغبة الجنسية.
وهناك اضطراب معاكس لاعتلال المزاج الموسمي، إذ قد يعاني المصابون بالاضطراب ثنائي القطبية (Bipolar disorder) خلال أشهر الربيع والصيف من أعراض الهوس الاكتئابي تتمثل في المزاج الحاد بصفة دائمة مع فرط النشاط والإثارة والهياج والاندفاع العاطفي وسرعة تلاحق الأفكار والكلام، وهو ما يطلق عليه الاضطراب المعاكس لاعتلال المزاج الموسمي (Reverse seasonal Affective Disorder).
العلاج
يعتمد النظام العلاجي لاعتلال المزاج الموسمي على عدة نواحٍ مثل العلاج بالضوء والعقاقير المضادة للاكتئاب والعلاج النفسي وأتباع نظام غذائي محدد، بالإضافة إلى تدابير تتعلق بالسلوكيات الحياتية وتناول بعض المكملات واللجوء إلى بعض معالجات الطب المكمل مثل الوخز بالإبر وجلسات المساج واليوغا والتخيل الموجه وتمارين الاسترخاء.
· العلاج بالضوء (Light therapy): يعتمد على استخدام الضوء الأبيض الساطع المماثل لأشعة الشمس، والمنبعث من مصدر ضوئي خاص تصل شدته إلى نحو 10 آلاف لكس Lux، (اللكس يساوي ضوء شمعة واحدة، ويتراوح متوسط ضوء المنازل بين 50 إلى 500 لكس). ولإتمام العلاج الضوئي بصورة صحيحة ينصح المريض بالوقوف على بعد عدة أقدام (القدم = 30 سم تقريبا) من مصدر الضوء لنحو 30 دقيقة يوميا، خصوصا في الصباح الباكر، ويجب أن تكون عينا المريض مفتوحتين بشرط عدم النظر مباشرة إلى المصدر الضوئي. ومن المفترض مع الاستخدام الصحيح للعلاج الضوئي تحسن الأعراض خلال 3 - 4 أسابيع. وأهم الآثار الجانبية للعلاج الضوئي إجهاد العين والصداع. ويجب توخي الحذر في حالة تناول المريض لعقاقير تزيد حساسية الجسم إلى الضوء مثل بعض أنواع المضادات الحيوية والعقاقير المعالجة لمرض الصدفية، كما يجب توخي الحذر أثناء استخدام العلاج الضوئي في معالجة حالات "الاكتئاب ثنائي القطبية".
· مضادات الاكتئاب (Antidepressants): يمكن استخدام العقاقير المضادة للاكتئاب تحت الإشراف الطبي، وأشهر العقاقير المستخدمة في معالجة الاكتئاب الموسمي Fluoxetine (Prozac) وvenlafaxine (effexor) و Sertraline (Zoloft) وParoxetine Paxil.
· النظام الغذائي: على الصعيد الغذائي قد تلعب بعض الأغذية دورا مهما في تعويض مادة (سيروتونين)، لذلك ينصح بالإكثار من تناول الأغذية الغنية بمادة "سيروتونين" مثل الأفوكادو، والتمر، والبرقوق، والخوخ، والموز، والباباي، والأناناس، والطماطم، أو الغنية بالحمض الاميني "تريبتوفان" (Tryptophan) الذي يتحول في الجسم إلى "سيروتونين" مثل اللحوم غير الدهنية، ولحم الرومي، والأسماك، والبيض، والبقول، ومنتجات الألبان قليلة الدسم. كما ينصح بالإكثار من تناول الأغذية الغنية بالحمض الأميني "تيروسين" (Tyrosin) الذي يتحول في الجسم إلى مادتي "أدرينالين" و"دوبامين"، مثل الأسماك، والمحار البحرية، والدواجن، والرومي، واللحوم غير الدهنية، وبعض أنواع الجبن المطبوخ، واللبن منزوع الدسم، والزبادي، والبيض. وهي ناقلات عصبية مهمة لوظيفة الجهاز العصبي تساعد على زيادة التركيز والانتباه.
كما ينصح بتناول نظام غذائي متوازن لتوفير الطاقة اللازمة للجسم مع الحفاظ على الوزن ومساعدة الجسم على التحكم في نوبات الجوع والشراهة المفاجئة، كما ينصح بتناول الكربوهيدرات المركبة مثل الحبوب الكاملة، والخبز الاسمر، وخبز الشعير، والذرة، والشوفان، والأرز البني، والمعكرونة المصنوعة من القمح الكامل، ومعجنات الريجيم، بالإضافة إلى تناول الفاكهة مثل الخوخ، والتفاح، والكمثرى، والعنب، والغريب فروت، والبرتقال، واليوسفي، والخضراوات الخضراء لاحتوائها على القليل من السعرات الحرارية والدهون التي تساعد المريض على التحكم في نوبات انفتاح الشهية والجوع والمحافظة على وزن الجسم.
· نصائح أخرى: الحرص على الجلوس في غرف باهرة الإضاءة، خصوصا في الأيام المظلمة، ويفضل استخدام إضاءة فلورسنت كاملة المدى في إضاءة المنزل أو مكان العمل، ويفضل جعل كل الستائر وأغطية الأثاث فاتحة اللون قدر الإمكان، والحرص على الجلوس بجوار النوافذ المفتوحة وفتح النوافذ والستائر التي تحجب ضوء الشمس، والمشي لفترات طويلة في الهواء الطلق وممارسة الرياضة بصفة منتظمة حتى في أيام الغيوم والأمطار، ويمكن استخدام بعض المكملات العشبية مثل "عشبة القديس يوحنا" (St. John’s wart) أو مكملات هرمون "ميلاتونين" أو مكملات الأحماض الدهنية "أوميغا – 3".