فُهِمَ خطأ - كما وجد ببعض التفاسير - أن المقصود هو الوريد أو العرق الذي يغذي الدماغ و قال البعض بأنه الوتين . و هذا غير منطقي أولا لأن الويد لغة هو ما يرد إلى القلب ، و تشريحيا هو الوعاء الدموي الذي يحمل الدم الغير مؤكسد من جميع أطراف و أجهزة الجسم الى القلب كي تتم تنقية هذا الدم
ويصبح مؤكسدا فيضخه القلب بدوره الى جميع أجهزة الجسم عبر ما يسمى بالشريان ، اذا فالشريان هو الوعاء الدموي الذي يحمل الدم المؤكسد من القلب الى جميع أطراف و أجهزة الجسم . و عليه فلا يصح أن يطلق مصطلح الوريد على العرق الذي يغذي الدماغ بل هو الشريان .. اذا فحبل الوريد ليس ما يغذي الدماغ " دمويا " .. لكن قد يصح هذا التفسير فقط في قوله تعالى : " ثم لقطعنا منه الوتين " .. فالوتين هنا فعلا ذلك الشريان الذي ينطلق من القلب الى الدماغ ألا و هو الأبهر أو شريان الأورطى .. و بدونه تنقطع أسباب الحياة لذلك أتبع الله تعالى هذه الآية بقوله : " فما منكم من أحد عنه حاجزين " دلالة على اقتران الهلاك بقطع الوتين .. و من ناحية أخرى  فإن دلالة لفظ الحبل لا تتناسب مع ماهية الوعاء الدموي .. فالحبل مصمت و الوعاء أجوف .. اذا .. ما المقصد من حبل الوريد ؟ ان لفظة الوريد .. ليس مقصود بها الوريد تشريحيا كما تقدم ترجمته بل هو ذلك الحبل الذي ترد من خلاله الأوراد أو الخواطر الذهنية عبر الجهاز العصبي النفسي ، اذ أن الله ربط حبل الوريد بالوسوسة أو الهواجس أو الخواطر الذهنية التي " ترد " على المخ لقوله تعالى : و لقد خلقنا الانسان و نعلم ما توسوس به نفسه - أي ما تحدث به نفسه - و نحن أقرب إليه من حبل الوريد ... و الوسوسة هي الحركة أو الفعل الذهني العصبي الباطني الوارد للذهن .. و أن سرعة انتقاله العصبي عبر " حبل الوريد " أسرع عملية بجسم الانسان .. لذا قال الله بأنه أقرب من ذلك للإنسان ... و عليه فقد رجح العلماء بأن حبل الوريد هو جذع الدماغ Brain Stem الذي يربط النصفين الكرويين للمخ بالمخيخ و " الحبل " الشوكي ... و جذع الدماغ أيضا بخلاف كونه أقرب ما يكون لصفات الحبل و الوريد الذي يورد المعلومات الحسية العصبية ، فهو يحتوي على الجهاز المنشط الشبكي Reticular Activating System و التي من أهم وظائفه هو المحافظة على حالة الادراك و الوعي ، فلو ضرب الانسان ضربة قوية على قفاه تجده يفقد الوعي أو يموت اذا انقطع الحبل ، ذلك أيضا لاتصاله العصبي بالأجهزة السمعية و البصرية و الشمية .. هذا و الله تعالى أعلى و أعلم .. بقلم دكتور صيدلي –  محمد نوار