كتاب يعرضه – محمد حسين محمود
في البداية، يجب أن نقول إن كتاب الباحثة الأستاذة الدكتورة انشراح الشال، والذي صدر بعنوان: الخطاب الإعلامي وأزمة انفلونزا الخنازير، بدأ بداية شيقة وجذابة، سواء من التعريف بإشكاليات البحث العلمي في مصر، وتجربتها الفريدة مع الإنترنت بوصفها وسيلة يمكن الاستعانة بها لجمع البيانات
أو من حيث الصور واستخدامها بذكاء، أو استعراض لأفلام مصرية سينمائية لها طبيعة معينة، مما جعل البداية تشعر القارئ بأنه أمام مُعـلم قادر علي جذب الانتباه تمهيداً لما سيرد بعد ذلك، وهذه هي روح المُعلم القدير الكامنة في روح الباحثة. ولقد شمل هذا الكتاب كل ما يود القارئ معرفته عن أنفلونزا الخنازير من حيث الأزمة، وكيفية المواجهة، مرورا بذكر الأعراض والوقاية، وتحليل أبعاد تلك الأزمة علي قطاع الأعمال، وكيف تعامل الإعلام مع هذه الازمة، وهل كان صادقاً أم مهولا فيما عرض برسائله الاتصالية المُختلفة مع جمهور المتلقين. ثم يستمر الكتاب ليلعب دوراً ـ في اعتقادي ـ أكبر مما لعبه الإعلام في هذا المجال ليكون هو الذي شمل الظاهرة من كافة الأبعاد والجوانب من أجل إغناء المُتـلقي عن مئات المقالات والبرامج. كما أن الباحثة لم تكتفي بالحديث في كتابها عن أنفلونزا الخنازير فحسب، بل تطرقت لسيناريوهات محتملة تتـنبأ بظهور تحويل للمرض بظهور انفلونزا الكلاب والماعز... ، ونبهت لخطورة الموجة الثانية لأنفلونزا الخنازير، وهذا ما يحدث بالفعل حاليا... ، وطالبت بضرورة الأخذ بأسلوب إدارة الأزمات، والاستعداد للموجة الثانية من أنفلونزا الخنازير... ومع التنقل بين صفحات الكتاب، يجد القارئ نفسهأمام ما ذكرته في بداية كتابة هذا التقرير، من تمتع الباحثة بروح جذب الانتباه ، والخروج من شدة التركيز التي قد تقود القارئ إلي الملل أو الشرود الذهني عند قراءة نتائج دراستها التحليلية والدراسة الميدانية حول الموضوع ، فتعززذلك بصور ورسوم كاريكاتورية من أجل توثيق المضمون ، لأن الصورة وثيقة تعبر عن حقيقة مجردة لا تقبل التشكيك ، بالإضافة لعرض حالات مرضية لأكثر من مرض أصاب مشاهير الفن وكيف عانوا وتعايشوا مع المرض ، وكيف كانت النهاية ، مع الانتقال لمرض الجزام الذي قد يكون جديداً في معلوماته لشباب ما دون العشرين لظهوره في أواخر القرن الماضي ، ومرض الطاعون وكيف تم تناوله في الأدب والسينما ، وكذلك الإيدز مرض العصر ، وكيف تناولته السينما . خلاصة ما يمكن قوله هنا، هو أن الدكتورة انشراح الشال في هذا الكتاب لم تكتفي بالعرض الوافي لدور الإعلام في التوعية بمرض أنفلونزا الخنازير فقط، ولكن انتقـلت بالقارئ للتعريف بدور وسائل الإعلام في مواجهة أخطر الأمراض، حيث يجد القارئ نفسه أمام كتاب يعد موسوعة شاملة لأخطر أمراض العصر ودور الإعلام في التعامل مع هذه الأمراض، مما جعل الكتاب أفضل وسيلة لعرض هذه الأمراض، وهذا ما هو منتظر من الاستاذة الدكتورة/ انشراح الشال صاحبة الرأي والفكر الناضج، وبروح المُعلم الواعي بخطورة دوره، وكأنها بعد كل فقرة وأخري تقف لتسألك: أفـــاهـــم أنــت ؟ أمُستـوعــــب أنـــــت ؟ وهو أسلوبها في محاضراتها داخل مدرجات الجامعة، حيث كنت ـ وما زلت بعد تخرجي ـ طالبا في محراب علمها...