إرتفاع ضغط الدم .. العدو اللدود !!! بقلم / د.أحمد مليجي
2011-11-20 03:27:57
يعتبر مرض إرتفاع ضغط الدم - أو ما يُطلق عليه القاتل الصامت - من أكثر الأمراض شيوعاً حول العالم و تشير التوقعات المستقبلية بأن حوالي 90% من سكان العالم سيعانون من هذا المرض .فما هو هذا المرض ولماذا يُطلق عليه القاتل الصامت وما هي أسباب هذا الإنتشار الواسع؟
ضغط الدم ببساطة هو القوة اللتي يضغط بها الدم على الشرايين عند مروره فيها ،أو هو قوة دفع الدم لجدران الشرايين أثناء إنقباض و إنبساط عضلة القلب ، و لذلك عند قياس ضغط الدم تُكتب القراءة على هيئة كَسْر حسابي على سبيل المثال 120 على 80 (120/80) نجد انه عندنا رقمين : الرقم الأكبر يُمثل الضغط الإنقباضي لعضلة القلب و الرقم الأصغر يمثل الضغط الإنبساطي لعضلة القلب.
و يقاس ضغط الدم باستخدام الجهاز الإلكتروني في المنزل أو الجهاز اليدوي في عيادة الطبيب وهو يعرف بجهاز قياس الضغط الزئبقي وهو الأدق و تستخدم وحدة القياس العالمية و تسمى ال مليمتر زئبق . و قياس الضغط هو مهارة و يجب ان يتم بواسطة الطبيب المختص حيث أن الخطأ في مهارة قياس الضغط يعطي قراءات خاطئة سواء بالزيادة أو النقصان و بالتالي تشخيص خاطيء. و يتم قياس الضغط في حالة الاسترخاء (أي يكون الإنسان ساكنا مستريحا) فنجد أن القياس الطبيعي لضغط الدم الإنقباضي للشخص البالغ متوسط العمر يتراوح بين 90 و 139 مليمتر زئيق أما الإنبساطي فيتراوح بين 60 و 89 مليمتر زئبق و نتيجةً لذلك يكون تشخيص مرض إرتفاع ضغط الدم عندما يرتفع ضغط الدم الإنقباضي فوق 139 او عندما يرتفع الضغط الإنبساطي فوق 89 أو الإثنين معا. و بذلك يمكن تقسيم الحالات إلى ما يلي:
1- مستوى طبيعي عندما يكون الضغط الإنقباضي أقل من 120 و الضغط الإنبساطي أقل من 80.
2- مستوى ما قبل المرض (طبيعي عالي) عندما يتراوح الضغط الإنقباضي بين (120-139)
و الإنبساطي بين (80-89).
3- إرتفاع الضغط متوسط الشدة عندما يتراوح الضغط الإنقباضي بين (140-159)
و الإنبساطي بين (90-99).
4- إرتفاع الضغط الشديد عندما يكون الضغط الإنقباضي أكثر من 160 و الإنبساطي أكثر من 100 و هذا المستوى ينقسم الى ثلاثة أقسام:
· الدرجة الاولى: الضغط الإنقباضي بين (160-179) و الإنبساطي بين (100-109).
· الدرجة الثانية: الضغط الإنقباضي بين (180-209) و الإنبساطي بين (110-119).
· الدرجة الثالثة: الضغط الإنقباضي أكثر من 210 و الإنبساطي أكثر من 120.
إن ضغط الدم الطبيعي يرتفع وينخفض أثناء اليوم مع تغير مستوى التوتر أو الإجهاد الجسماني، ولهذا السبب تجد الأطباء بصفة عامة يأخذون قراءات عديدة لضغط الدم وفي زيارات متكررة و يحسبون منها القراءة المتوسطة للحصول على متوسط ضغط الدم و اللتي من خلالها يتم تشخيص درجة الإرتفاع و اختيار نوعية العلاج لكل مريض بذاته. ولا ينبغي أبدآ إتخاذ قرار بدء علاج إرتفاع ضغط الدم بناء على قراءة واحدة فقط لضغط الدم في عيادة الطبيب أو المستشفى (مالم يكن ضغط الدم عاليآ بدرجة خطيرة).
أما عن كيفية إرتفاع ضغط الدم فإنه يمكن أن يكون إستجابة طبيعية من الجسم عندما يكون هناك إحتياج زائد للدم وعناصره الغذائية، فمثلا عند ممارسة التمارين الرياضية، فإن معدل دقات القلب يزيد وينقبض القلب بقوة أكبر، وعندما تصل ممارسة التمارين إلى قمتها يكون ضغط الدم قد وصل إلى أعلى مستوياته. وجدير بالذكر أن المخ يحس بضغط الدم بصفة مستمرة وعندما يقرر المخ أن الجسم يحتاج إلى رفع أو خفض ضغط الدم، فإنه يرسل رسائل من خلال أعصاب الجهاز العصبي الذاتي، وهذه الرسائل تأمر العضلات التي في جدر الشريينات إما أن تنقبض وإما تسترخي، كما تأمر القلب إما أن يبطيء من سرعته وإما أن يسرع، وهناك هرمونات عديدة أيضآ تؤثر على ضغط الدم عن طريق التأثير على كمية الدم في الجسم والمقاومة التي تبديها الشريينات. و إرتفاع ضغط الدم يمكن أن يكون نتيجة لضخ القلب الدم بقوة أكبر أو عندما تضيق الشرايين الرفيعة(الشريينات) مما يسبب زيادة المقاومة لسريان الدم فيها، ولكي نفهم كيف يمكن أن يؤثر ضيق الشريينات على ضغط الدم، تخيل أنك تضغط أنبوبة معجون أسنان، فإذا كانت فتحة الانبوب عادية الحجم، فسوف يكون كافيآ أن تمارس ضغطآ عاديآ على الأنبوبة حتى يخرج منها المعجون بسهولة وبقدر كبير من التحكم، ولكن إذا كانت فتحة الأنبوبة دقيقة في حجم ثقب الإبرة، فسوف تضطر إلى أن تضغط على الأنبوبة بقوة أكبر حتى تخرج المعجون إلى خارج الأنبوبة.
أسباب إرتفاع ضغط الدم: هناك نوعان من إرتفاع ضغط الدم : النوع الأول و يكون في الغالبية العظمى من حالات إرتفاع ضغط الدم (حوالي 95%) لا يكون لها سبب معروف، وهذه الحالة تسمى إرتفاع ضغط الدم الأولي أو إرتفاع ضغط الدم الاساسي. وقد يبدأ إرتفاع ضغط الدم في اي سن، ولكنه عادة يبدأ في المرحلة المتوسطة من العمر، و من أهم أسبابه:
* التقدم في السن.
* شرب المنبهات باستمرار كالقهوة و تناول الكحوليات.
*المزاج العصبي الدائم.
* القلق خاصة وقت قياس الضغط ، فقلق الإنسان وقت قياس ضغط الدم يسهم حقيقة في إرتفاع الضغط و هو ما يسمى بضغط البالطو الأبيض (هناك بعض الاشخاص يصابون بقلق شديد في عيادة الطبيب أو المستشفى، ويرتفع ضغط الدم لديهم أثناء تلك الزيارة لأعلى من المستوى المعتاد، وتُسمى هذه الظاهرة إرتفاع ضغط الدم عند رؤية البالطو الأبيض الذي يرتديه الاطباء وممارسو التمريض، وذلك بسبب القلق الناجم عن إحساس الشخص بوجوده في موقف طبي ما. إن من الصعب تشخيص ومتابعة هذه الحالة وقد يطلب بعض الاطباء من الشخص الذي يبدو أنه يعاني من هذا النوع أن يقيس ضغط دمه في المنزل بعد ذلك بإستخدام جهاز منزلي).
*عدم انتظام وظائف الكلى
* التدخين
* تصلب الشرايين
*السمنة و الوزن الزائد
*الإفراط في تناول الأملاح
*وقد يتنشر إرتفاع ضغط الدم الأولي في عائلات معينة نتيجة لعوامل وراثية، كما توجد إختلافات عرقية أيضآ، فمثلآ الامريكيون من أصول أفريقية يميلون إلى الإصابة بإرتفاع ضغط الدم عند سن مبكرة عن الأمريكيين البيض، كما يميل إرتفاع ضغط الدم لأن يكون أكثر شدة في الامريكيين الأفارقة.
و النوع الثاني و يكون في باقي نسبة الـ 5% من حالات إرتفاع ضغط الدم ويكون بسبب وجود حالة مرضية أخرى مسببة، وهذا ما يسمى إرتفاع ضغط الدم الثانوي. من أسبابه:
· أمراض الكلى : إن للكلى دورآ خطيرآ في التحكم في ضغط الدم، وكثير من الأمراض المختلفة التي تؤثر على الكلى يمكنها أن ترفع ضغط الدم، وهي تشمل مرض السكري و الالتهاب الكلوي و تضيق الشرايين الرئيسية للكلى ، ويمكن لإرتفاع ضغط الدم نفسه أن يضر الكلى مما يجعل إرتفاع ضغط الدم أكثر سوءآ.
· العقاقيرو الأدوية: هناك آثار جانبية لبعض الأدوية و العقاقير تتسبب في رفع ضغط الدم مثل حبوب منع الحمل، و الاستروجين و حبوب الهرمون الدرقي و عقاقير القشرة الكظرية و الأمفيتامين و الكوكايين و النقط أو البخاخة المضادة للاحتقان الانفي، وأيضآ فإن الكافيين وتعاطي الكحوليات بكميات كبيرة يمكن ان يرفع ضغط الدم.
· أمراض و أورام في الغدة الكظرية (الفوق كلوية) تؤدي الى زيادة افراز هرمونات و مواد تؤدي إلى إرتفاع ضغط الدم.
·ضيق أو اختناق الشريان الأورطي : في هذه الحالة يحدث ضيق في الشريان الأورطي بعد مغادرته القلب بمسافة قصيرة، ويصبح محتملآ على القلب أن يضخ بقوة تؤدي إلى رفع ضغط الدم حتى يمر من خلال الإختناق.
· إرتفاع ضعط الدم المصاحب لفترة الحمل و يسمى بتسمم الحمل و قد يختفي هذا الإرتفاع بعد الولادة.
أعراض إرتفاع ضغط الدم :
إن ضغط الدم المرتفع مثل أمراض خطيرة أخرى كثيرة ، لا يسبب أعراضآ فكثير من الناس يتعايشون مع إرتفاع ضغط الدم على مدى سنوات دون ظهور أية أعراض حتى يكون – ببطء وفي صمت – قد ألحق أضرارآ بالغة بأعضاء مختلفة في الجسم مما يجعل أداءها الوظيفي يتدهور و في حالات عديدة تظهر أعراض المضاعافات الناتجة عن إرتفاع ضغط الدم.
وأكثر الأعراض التي يسببها إرتفاع ضغط الدم شيوعآ هي الصداع ( عادة في مؤخرة الرأس وخاصة عند الاستيقاظ في الصباح ) ، و الدوخة ، ومع ذلك فالصداع غالبآ ما يكون خفيفآ وبالتالي يهمله المريض و خصوصا أن أسباب الصداع عديدة. و عندما يصبح إرتفاع ضغط الدم شديدآ ، فقد يسبب ظهور الاعراض . وتشمل الصداع الشديد ، ازوداج الرؤية ، نزيف من الأنف ، سرعة دقات القلب ، طنين الاذن ، و ارتعاشات عضلية . ويمكن أن يحدث أيضآ غثيان و قيء و ارتباك ذهني.
مضاعفات إرتفاع ضغط الدم: في حالة ما تم تجاهل علاج إرتفاع ضغط الدم أو العلاج غير المناسب فإن حالة المريض تدخل في سلسلة من المضاعفات الخطيرة منها :
* تضخم عضلة القلب خاصة البطين الايسر مما يؤدي الى الذبحة الصدرية و الفشل القلبي .
* تصلب الشرايين عن طريق إحداث تشققات مجهريه في جدران الشرايين مما يساعد على ترسب الدهون.
* انفجار في الشرايين الدقيقة للمخ.
* الفشل الكلوي .
* تمزق شبكبة العين .
الوقاية و العلاج:
علاج السمنة و الوزن الزائد و الاكثار من تناول الوجبات الصحية و الاقلال من تناول الدهون وبخاصة الكوليسترول لما يسببه من تصلب للشرايين والذي يؤدي بدوره إلى إرتفاع الضغط، و متابعة نسب الدهون في الدم.
الإقلال من تناول الأملاح بشكل عام كملح االطعام والمخللات.
الاقلاع عن التدخين .
قياس ضغط الدم بصفة دورية خاصة إذا كان هناك تاريخ وراثي للمرض في العائلة .
استشارة الطبيب المختص فورا عند حدوث أي من الأعراض . حيث أنه يوجد العديد من الأدوية لعلاج مرض إرتفاع ضغط الدم و الطبيب المختص وحده هو الذي يستطيع أن يصف العلاج المناسب للمريض المناسب.
د. أحمد مليجي غانم
أخصائي أمراض القلب و الأوعية الدموية