التلاعب بالجينات... وخطره علي البشرية إلي أين سيقودنا التلاعب بالجينات ... ؟ يسير العالم اليوم بسرعة هائلة نحو الاكتشافات العلمية العظيمة في شتى مجالات الحياة بل تقفز قفزات كبيرة على مختلف الأصعدة ، وأصبح يعيش ثورات بيولوجية هائلة وثورات في عالم الالكترونيات والكومبيوترات ، والانترنت ، والاتصالات ، فما تمّ إنجازه خلال العقود الأخيرة قد يعادل جميع الإنجازات العلمية التي تحققت في القرون السابقة.
وقد خطا العلم خَطوات كبيرة في عالم الخلايا والجينات حتى اكتشفت الخريطة الجينية للإنسان ، وبذلك فقد فتحت آفاقا جديدة وانتصارات عظيمة على كثير مما تعانيه البشرية ، حيث يمكن عن طريقها التعرف على كثير من أمراض صاحب الخريطة وصفاته ، واكتشاف أمراض الجينات ، وعاهات الأجنة في وقت مبكر ، إضافة إلى تحسين الإنتاج وتكثيره في عالم النبات والحيوان ، والاستفادة منها لزراعة الأعضاء ونحوها .
و قد خَطت البحوث والمختبرات العلمية خُطوات متقدمة نحو العلاج الجيني عن طريق إصلاح هذه الجينات ، أو استئصال الجين المسبب للمرض وتغييره بجين سليم ، ومع هذا التقدم الكبير يقول العلماء : إنه لم يكتشف من أسرار DNAسوى 10% وصدق قوله تعالى : ( وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا ) سورة الإسراء إن التلاعب بالجينات هو أخطر من التلاعب بالذرّة لأنّ الكائنات الحيّة وكما تدلّ على ذلك تسميتها: هى حيّة، تتحرّك، تتنقل، تتكاثر، تنتشر وتتداخل كما تتلاقح وتختلط بكائنات حيّة أخرى وأنواع أخرى، والتلوّث الجينى هو تلوّث نهائيّ لا رجعة فيه ولا يمكن محاصرته.
بعض تطبيقات هندسة الجينات الجديدة وهذه بعض تطبيقات هندسة الجينات الجديدة نعرضها على القارئ حتى يتبين له مدى هول وخطورة التلاعب بالجينات علي حياة الإنسان. الخنزير المحور جينيا: هو خنزير غرس فيه هرمون النمو البشرى. ينمو بسرعة فائقة ولكنه "أحول" يسير بطريقة فوضوية وغير منتظمة، يضلع ويعانى من تقرّح فى المعدة والتهاب فى المفاصل وتعفن فى الجهاز التنفسى "Pneumonie" وأمراض الكلى وتشوهات فى المفاصل. غرس وإدماج جين هرمونة النمو لم يحدث فقط التغيرات المرجوة بل وأيضا تغيرات غير متوقعة وغير مرغوب فيها.
يفسر علماء الوراثة ذلك بمفعول موقع الجين: Locusالذى يؤثر على كامل الرصيد الوراثي. فى حالة الخنزير المحور جينيا كان الهدف منه الحصول على خنزير ينمو بسرعة ويتجاوز وزنه المعدل العام وذلك للحصول على كمية أوفر من اللحم. أى أن الغاية كانت تجارية بحتة. النتيجة كانت عكسية مما دفع الخبراء إلى التخلي عن هذه التجربة.
"التلقيح" مانـــــع الحمــــل لدى الفئران:
أراد بعض الخبراء الأستراليين صنع تلقيح مانع للحمل لدى الفئران. استعملوا فيروس الجدرى الخاص بالفئران ليقوم هذا الأخير بنقل جين وقع انتقاؤه لهذا الغرض وذلك إلى نواة خلايا الفئران. فجأة تحول الفيروس الوديع إلى فيروس قاتل.
ماتت الفئران فى ظرف تسعة أيام. هرع الخبراء وخصوصا وأنه بإمكان هذا الفيروس أن ينفلت من داخل المخبر ويسبب كارثة بيئية. تدخلت السلطات الأسترالية الرسمية مباشرة وأتلفت كل أجهزة المخبر.
وإلى يومنا هذا لم يعرف العلماء سبب تحول الفيروس "الوديع" إلى فيروس قاتل "ربما تكون طفرة سببا فى ذلك"، والحال أنهم يدعون دائما أنهم يتحكمون فى تقنيات هندسة الجينات.
الإعداد للإنسان الكامل:
اليوم مع اكتشاف الجينوم البشرى يتقدم العلماء فى مشاريعهم نحو اعتماد جينوم يكون معيارا ومقياسا لبقية الجينومات وبالتالى وضع استراتيجيا لبشر من نوع خاص يصاغ فى المخابر. فهذا هو فرنسوا جاكوب الحاصل على جائزة "نوبل" للعلوم صرح منذ سنين فى كتابه الشهير: "منطق العالم الحي" بأن "الإنسان أصبح قادرا على أن يسيطر على التطور نفسه... فقد نتوصل يوما ما إلى التدخل فى تنفيذ البرنامج الوراثي وحتى في بنيته من أجل تصحيح بعض عيوبه ، وإدخال بعض الملحقات عليه. وقد نتوصل أيضا إلى إنتاج نماذج ونسخ مطابقة للأصل عن فرد من الأفراد: رجل سياسي، فنان، ، مصارع وذلك حسب الطلب وعلى قدر ما نرغب... ولا شيء يمنع أن نطبق من الآن على الكائنات البشرية طرق الاصطفاء المستخدمة في المخابر على الفئران والأبقار".
وقد صرح جاك كوهين Jacques Cohenالعالم الشهير بكل ثقة أنه وفى خلال العشر سنين المقبلة سنتمكن من فرز الأجنة والاستغناء عن تلك التي تحمل عاهات جينية بأنواعها "وما أكثرها" وبالتالي وضع نموذج لخارطة جينومية مثالية فنكون بذلك قد قفزنا من مرحلة العنصرية التي تعتمد اللون والبشرة إلى العنصرية البيولوجية والوراثية. والخلاصة أن القائمة طويلة والتلاعب بالجينات لا يعرف الحدود. فهذه أسماك السلمون Salmonزرع فيها جين هرمون النمو لتنمو بسرعة ويفوق وزنها 10 مرات الوزن الطبيعى فتتسبب فى كارثة بيئية "انقراض أنواع السمك".
وهذه أكباش وماشية يقلع صوفها بمجرد أن تمر يد الإنسان فوق جلدها. وهذه نعاج ينتج حليبها مادة صالحة للإنسان "L'antitrypsine" وبقر ينتج حليبا إنسانيا بعد أن زُرع فيه جين بشرى، أو ماعز تنتج في حليبها خيوط العنكبوت لصنع لباس واقى من الرصاص "Gilets pare balles" وهذه حيوانات تبرمج لتصاب بأمراض مختلفة كالصرع والتهاب المفاصل والسرطان ومرض الزهايمر وفقدان الذاكرة، مع العلم أن تعميم نتائج البحوث من الحيوان على الإنسان قد يؤدى فى بعض الأحيان إلى نتائج وخيمة وغير متوقعة.
وهذه نباتات تصبح متقبلة لكميات وافرة من مبيد الأعشاب فتنقل مناعتها للأعشاب الطفيلية.
وهذه نباتات أخرى تنتج بنفسها مادة شبيهة بمبيدات الحشرات وبكميات كبيرة فتستأنس بها الجراثيم وتصبح منيعة تجاهها.
وهذه محاصيل زراعية لم تسلم من التعديل الجيني وذلك بغية التوصل إلى انتاج أكثر وجودة أفضل...هذه النباتات والبكتيريات والحيوانات والبذور والأشجار وجينات البشر تصبح براءات أى ملكا خاصا لأفراد أو مجموعات.
دكتور محمد السقا عيد استشارى طب وجراحة العيون
باحث بالهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة المكرمة
وللحديث بقية