حدوتة طبية..الثلاثيميا .. مرض ثقيل الظل قابل للترويض بقلم د. خلف الشيمي
2010-12-16 03:19:25
الثلاسيميا (أنيميا البحر المتوسط ) مرض وراثي ناشىء عن خلل في بناء الهيموجلوبين المكون لكريات الدم الحمراء ، والهيموجلوبين يتكون من أربعة سلاسل بروتينيه متحدة مع جزيئات الحديد ونتيجة الخلل يحدث انفصال ما للحديد فيتراكم بكمية عالية فى الدم ومن ثم يترسب فى باقى الأعضاء الحيوية.
وهذا الخلل بطبيعته يؤدى الى نقص فى عدد كريات الدم الحمراء . فيحتاج المريض ساعتها لنقل الدم كبديل عن العجز فى تكوين الهيموجلوبين . ومن هنا تتفاقم المشكلة بزيادة الكمية المترسبة من جزيئات الحديد في الأعضاء الحيوية مثل القلب والكبد وغيرها . وتؤدى الى تضخم فى الطحال الذى قد تستدعى الحالة المرضية إلى استئصاله من الأساس كحل ثانوي .
وقد يحدث أحيانا ما يعرف بالسكر البرونزي حيث أن الحديد يفقد جزئ الأنسولين قدرته على الإمساك بجزئ السكر او بمعنى أوضح يفقده حساسية التعامل مع جزئ السكر فيصبح الأنسولين البشرى وكأنه أعمى أمام خصمه وهو جزئ السكر .
كل الحلول فى علاجات الثلاسيميا تعتبر ردود أفعال . بدءا من نقل الدم ووصولا الى مرحلة استئصال الطحال الذى يقف بالمرصاد لكرات الدم الضعيفة المنهكة فيكسرها ولا يدع لها الفرصة لتقاوم الأنيميا برهة
من الوقت لحين نقل دموي لاحق!! .فهو يفضل دور عسكري الأمن المركزي الحاذق دون دور اللص الشريف وعلى اثر ذلك يتم استئصاله لضيق نظرته فى التعامل مع الأخطار المحدقة بالمنظومة الفسيولوجية .حتى انه لربما قد نصطدم فى نهاية هذا الشارع العلاجي بحتمية زرع النخاع . ومن المعلوم ان نخاع العظم هو المصنع الاوحد للعصابة الدموية بما فيها من كريات دموية حمراء وبيضاء وصفائح دموية .
الحقيقة الملحة هنا ان نسبة مرضى الثلاسيميا في مصر تتعدى ال 10% وهى نسبة عالية جدا تحتاج لنقل كمية دم كافية لاغراق شوارع محافظة بورسعيد بالكامل .وذلك بالطبع يمثل عبئا كبيرا على مراكز تلقى متبرعى الدم والوحدات المتنقلة مما يحتاج الى نظرة مواطنة قومية فى هذ الامر .
العلاجات الحالية نفسها تقوم ايضا على نظرية رد الفعل . فاستخدام الديسفرال سواء فى صورة أقراص
أو حقن تحت الجلد تعكف على الاتحاد مع جزيئات الحديد المتمردة والمشاكسة والمسبب الرئيسي لمشاكل الثلاسيميا وإخراجها من الجسم فى صورة مركب وسطي أمن على وتيرة انه لا ضرر ولا ضرار . بينما تقوم أقراص الفوليك أسيد بتحفيز الجيش الخامل والمصانع الدموية الكسولة طمعا فى بصيص من اكتفاء ذاتي
جزئي لبناء الكريات الدموية الحمراء لتقليل عدد مرات النقل الدموي .
وأخيراً لعل الطفرة الزويلية الأخيرة فى استخدام رؤية الفيمتوثانية للإصلاحات والتعديلات الجينية قد تخبىء لنا كنزا مفقودا فى الرؤية العلاجية للأمراض الوراثية عامة والثلاسيميا بصفة خاصة . نحن فى انتظار طاقة أمل كبيرة في المستقبل القريب ان شاء الله . ولا تقنطوا من روح الله
د/خلف الشيمى
See_up2000@yahoo.com