كنت فى السبعينات طالبا فى معهد الزقازيق ومعنا ضباط وجنود القوات المسلحة فى الحديقة والفصول الخالية كانت مدينة الزقازيق تحتضن آلاف المهجرين من مدن القناة، وآلاف الجنود المنكسرين من الهزيمة لكن فى عيونهم بريق العزة وفوق أكتافهم آمال المصريين وقطار عبارة عن عربيتن متهالكتين تتكدس فيها الطلبة صباحا بشكل مخيف من التل الكبير إلى الزقازيق.
كنت أسير أربعة كيلو مترات صباحاً كى الحق بالقطار الذى يأتى غالبا متأخرا ..تفضل الشيخ الموقر شيخ المعهد وسمح لنا بالسكن والمبيت فى الفصول الخاويه بلا أبواب ولا شبابيك فى ليالى الشتاء القارص.
كانت الزقازيق ﻻتعرف الزيت إﻻ زيت التموين الذي لا يؤكل وﻻ السكر وﻻ الصابون..فلا شيء يعلو فوق صوت المعركة ورد الكرامه.
إقامتي بالمعهد منحتنى فرصة التعرف على افراد القوات المسلحه .الطبيب والمهندس والفلاح ..
أكثر من خمس سنوات فى القوات المسلحة .. يغسلون ملابسهم فى نقاط مياه .. والأكل جاف غير كاف .وتمارين عنيفة من الصباح حتى المساء ..ولأننا بلا أكل كانوا يعطونا بعض أكلهم ويشاركونا السهر.
مرت بنا الأيام ثقيلة عنيفة .. تعلمنا فيها الصبر والأمل ..حتى جاء النصر، وصرخنا جميعاً فى نفس واحد ..الله أكبر ..الله أكبر ..تحيا مصر..
دكتور فتحي الغمري
رئيس وحدة الجهاز الهضمي وأمراض الكبد بكلية