في أيلول/سبتمبر من العام 2017، أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيراً صارخاً بأن العالم ينفد من المضادات الحيوية نظراً لعدم اكتشاف أي فئات جديدة من المضادات الحيوية منذ عام 1987. في وقتنا هذا، يموت حوالي 700000 شخص حول العالم سنوياً بسبب الجراثيم المقاومة للأدوية.
ويقدّر الخبراء أنه بحلول عام 2050، يمكن أن يموت 10 ملايين إنسان كل عام نتيجة للعدوى بجراثيم مقاومة للمضادات الحيوية.
ويقول البروفسور غازي تدمري عميد كلية الصحة العامة في جامعة الجنان (لبنان) أنه لو استمر الوضع على ما هو عليه اليوم فإننا لن نتمكّن من القيام بالعديد من الإجراءات الطبية الرئيسية بما في ذلك جراحة الأمعاء والعمليات القيصرية واستبدال المفاصل والعلاج الكيميائي حيث ستكتنف تلك المداخلات الطبية العديد من المخاطر.
وقد بدأت بوادر هذه المرحلة بالظهور من خلال دراسة تم نشر نتائجها مؤخّراً في مجلّة لانست للأمراض المُعدية. فقد بيّنت الإحصاءات التي تمّ جمعها من أكثر من 2500 طبيب وباحث في العالم عن 12500 عملية جراحية تمّ إجراؤها في 343 مستشفى أن واحداً من كل تسعة أشخاص خضعوا لجراحة في الأمعاء تعرّض لمخاطر أمراض جرثومية في خلال شهر من إجراء العملية الجراحية.
ووجدت الدراسة أن واحدة من كل خمس حالات من الإصابة الجرثومية تضمّنت بكتريات مقاومة للمضادات الحيوية التي تمّ تزويد المريض بها قبل الجراحة كتدبير وقائي. كما أوضحت الدراسة إلى أن ظاهرة تفشّي الجراثيم في موضع الجراحة تسببت في تضاعف احتمالات الموت أثناء العملية أو بعدها بقليل ثلاث مرات، كما أن خمسة في المائة من العمليات التي عرضتها الدراسة نتج عنها وفاة المرضى.
وتعتقد شريحة متزايدة من العلماء بأن الزيوت الأساسية التي يمكن استخلاصها من النباتات يمكن اعتبارها "المضادات الحيوية المستقبلية".
ففي كلية الصحة العامة في جامعة الجنان، قدّم الفريق البحثي بقيادة الدكتور ثائر علوان أدلّة قوية على أن الزيوت الأساسية المستخرجة من نبات الزوفا الملتحية، وهي إحدى النباتات البرية في جبال شمال لبنان، تمكنّت من مكافحة مجموعة كبيرة من الجراثيم منها أنواع من البكتيريا والفطريات المعروفة بمقاومتها لأنواع كثيرة من المضادات الحيوية.
ويأمل الدكتور ثائر علوان أن يصل مع فريقه إلى تحديد المكونات المباشرة التي ساعدت في القضاء على تلك الجراثيم لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الأبحاث لتطوير استخدام هذه المركّبات في تصنيع أدوية تضاهي مفعول المضادات الحيوية في يومنا هذا أو في النظر في إمكانية استخدامها في التصنيع الغذائي للوقاية من البكتيريات والفطريات التي قد تتواجد في المواد الغذائية المصنّعة، مثل منتجات الألبان أو العصائر أو غيرها.