2011-07-13 01:52:55
كتبت- جهاد عواد
الكثير من الناس يعانون من أمراض نفسية تؤثر سلبا على جوانب حياتهم الأسرية والمهنية والاجتماعية ومع كل هذا يخشى الناس من زيارة الطبيب النفسى خوفا من أن يقول عنهم المجتمع أنهم مرضى نفسيين أو مجانين,
لدرجة أن يلجأ البعض الى المشعوذين والدجالين للعلاج من الأمراض النفسية تحت مسمى اللبس الشيطانى والسحر والأعمال السفلية بدلا من اللجوء الى الطبيب النفسى, خوفا من نظرة المجتمع لهم وهروبا من استخدام عبارة (مريض نفسى), حتى وسائل الإعلام التي من مهامها النهوض بفكر المجتمع وتثقيفه ,تظهر الطبيب النفسى فى الأفلام والمسلسلات العربية بصورة كوميدية وتقوم باظهارالمريض نفسيا وكأنه مجنون ويجب عزله وتجنبه , ولمعرفة سبب نظرة المجتمع الخاطئة للمريض النفسى وأثرها على المريض ودور الأسرة والمجتمع والأعلام فى غرس الثقافة النفسية وتصحيح المفاهيم الخاطئة فى المجتمع, أجرت جريدة الطبيب حوارا مع دكتور (فتحى الشرقاوى أستاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب بجامعة عين شمس ) ويبدأ دكتور (فتحى الشرقاوى )حديثه قائلا بأن سبب نظرة المجتمع الخاطئة للمريض النفسى والعقلى هو أن المجتمع بصوره شبه كامله ليس لديه ثقافة التعامل مع المرضى النفسيين والعقليين، حيث نجد معظم الناس لديهم انطباع خاطئ بأن أى مريض نفسى هو مجنون ولابد الابتعاد عنه , ويوضح لنا دكتور (فتحى الشرقاوى أستاذ علم النفس ) درجات التفاوت فى الأمراض النفسيه والعقلية, قائلا بأن يجب التفرقة بين ثلاث حالات حيث أن الحاله الأولى فيها يتعرض الانسان لحالة من الاكتئاب والانطواء والعزلة المؤقته نتيجة تعرضه لأزمه أو فقد شئ عزيز ثم سرعان ما يعود الانسان بعد فترة قصيرة الى طبيعته ويندمج فى الحياة , وهذه الحاله يتعرض لها كل البشر , ويؤكد الشرقاوي أنه لا يصح هنا القول بأن هذا الشخص مريض نفسيا أو عقليا لأن الظروف التى تعرض لها أكبر من قدرته على التحمل , لذلك حدث له حالة احباط مؤقته .
ليس مجنوناً
ويوضح أن الحالة الثانية حاله يشعر فيها الانسان بعدم التوافق بينه وبين نفسه وبينه وبين الآخرين , وفى هذه الحاله يستلزم زيارة الطبيب النفسى لأتباع خطة علاجية مثل أى مريض بمرض عضوى يتلقى علاجه , ولا يمكننا القول فى هذة الحالة بأن الشخص مجنون, ولابد أن لايتركه الناس لأنه لايشكل خطر على الآخرين , بل يجب أن يسانده الأهل والأصدقاء والجيران والمجتمع بأكمله حتى يشعر الشخص بالدفءوهذه هى الثقافة النفسية التى يجهلها المجتمع العربى .
أما الحالة الثالثة فهي عندما يعانى المريض من مرض عقلى وهنا لابد من دخول المريض مصحة نفسية لأنه يشكل خطر على نفسة وعلى الآخرين, ويعرب دكتور الشرقاوي عن أسفه الشديد لأن حاليا بعض مستشفيات الأمراض العقلية التى بدأت فى المرحلة الأخيرة للأستثمار تقوم بتسريح المرضى العقليين فى الشوارع كما نراهم فى محطات مترو الأنفاق والحدائق العامة والشوارع, وهؤلاء الأشخاص فاقدين الآهلية وفاقدين السيطرة على أنفسهم وخطر على المجتمع , ومن هنا يفسر لنا( دكتور فتحى الشرقاوى أستاذ علم النفس ووكيل كلية الآداب لشئون التعليم والطلاب بجامعة عين شمس ) معنى الثقافة النفسية المطلوبة من المجتمع لتتغير النظرة للمريض النفسى قائلا أن الثقافة النفسية هى أن يعلم كل الناس أن المريض النفسى والعقلى هو شخص يعانى من مشاكل نفسية ليس له تدخل فيها, ولا يمكننا أن نقول له كن عاقلا, ولا يحق لنا أن نحاسبه أو نحتقره بسبب مشكلة نفسية يعانى منها , وهو مثل أى مريض بمرض عضوى ويجب علينا جميعا أن نحترم عقولهم مهما كانت ونراعى مشاعرهم ولا نجعله يشعر بأنه شخص منبوذ فى المجتمع , ويشير دكتور (فتحى الشرقاوى بأصابع الأتهام الى الأعلام المصرى بصفة خاصة والمقررات والمناهج فى الجامعات للتقصير والاهمال فى توفير ووصول الثقافة النفسية للناس لكيفية التعامل مع المريض النفسى وتصحيح نظرة المجتمع له , ويأسف دكتور (فتحى الشرقاوى أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس ) على أن الثقافة النفسية لايفهما الا المتخصصين فى المجال النفسى فقط , ويجهلها طبقة المثقفين والاساتذة فى المجال السياسى والمجال الاقتصادى وجميع المجالات الأخرى وينظرون لأى زائر للعيادة النفسية بأنه مجنون .
منبوذ ومظلوم
ويحذرنا دكتور( فتحى الشرقاوى) من تأثير هذة النظرة للمريض النفسى قائلا بأن سببها المجتمع والذى سيدفع ثمنها أيضا هو المجتمع , لأن عندما يشعر المريض النفسى بأنه منبوذ ومظلوم من المجتمع تتدهور حالته وعندما يشعر المريض العقلى بأن الناس أعداء له يزيد من عداؤه للمجتمع بأعمال العنف والقتل والارهاب والفوضى ,وينتقل دكتور (فتحى الشرقاوى) فى حديثه الى المقارنة بين المجتمع الأوروبى والمجتمعات العربية من حيث النظرة للمريض النفسى ومن حيث التعامل معه, مؤكدا بأن المجتمع الأوروبى يتعامل مع المريض النفسى كجزأ لايتجزأ من المجتمع, ويحترمون عقل المريض على أساس أنه شخص طبيعى ولكنه يعانى من مشكلة نفسية و يتم علاجه منها, وزيارة الطبيب النفسى فى المجتمع الأوروبى شئ طبيعى جدا ولا يخجلون منها ,ويتم ابراز دور الطبيب النفسى فى الاعلام الأوروبى بأنه أهم طبيب فى حياة الانسان , وأما فى المجتمع العربى تنحصر نظرة المجتمع للمريض النفسى بين صفتان وهما أنه مجنون ولابد الابتعاد عنه أو أنه بركة فى البيت وولى من أولياء الله الصالحين, ويناشد دكتور( فتحى الشرقاوى أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس ) المجتمعات العربية بضرورة مراعاة مشاعر المرضى النفسيين والنظر لهم بأنهم أشخاص مثلنا لديهم عقل ومشاعر ولابد أن نتواصل معهم ونعاملهم معاملة آدمية وغرس هذة المفاهيم فى أطفالنا, مؤكدا بأن لابد أن تتكاتف معنا وزارة الاعلام لأن الاعلام هو أكثر وسيلة مؤثرة فى المجتمع وكما نجحت الحملات الاعلامية فى الحد من الانجاب ستنجح فى تغيير نظرة المجتمع للمريض النفسى وغرس الثقافة النفسية فى المجتمع. .