صيحة غريبة أطلقها أحد الأطباء تُثير الكثير من السخرية والتساؤلات فتزامنا مع استمرار أزمة الدولار قام الطبيب بوضع لافتة على باب عيادته تدعو المرضى لدفع قيمة الكشف بالدولار بدلا من الجنيه، من باب "اللي عاجبه على الكحل يتكحل".
فبرغم أنها مهنة الإنسانية والملائكية إلا أن ذلك أصبح أيضا من ذكريات الزمن الجميل فلم يعد في هذا العصر سوى منطق "تقدر تدفع أهلا وسهلا واستنى دورك"، ما تقدرش يبقى خلي مستشقيات الحكومة تنفعك، هذا هو حال أطباء اليوم إلا قليلا.
بالإضافة إلى أن ثمن الكشف عند الاستشاري أصبح "نص باكو" يعني 500 جنيه وزيادة أو أقل قليلًا! يعني فيه أسر كتير لابد أن تصوم شهرا كاملا من أجل أن توفر قيمة الكشف، ناهيك عن فاتورة الدواء، فقد فقدت الروشتة بريقها لأن الدواء أصبح تجاريًا فشركات الأدوية تتفنن في نشر مندوبيها ليلا ونهارا لمطاردة الأطباء بعروضها السخية ومنحها التي لا تقاوم من أجل كتابة دواءها في الروشتة.
كل هذا يحدث تحت سمع وبصر المسؤولين في وزارة الصحة "واسألوا كبيرهم"، لابد من وقفة حاسمة لتسعير الكشف الطبي عند الأطباء بعدما أصبحت مهنة بلا رحمة.. نريد نائبًا رشيدًا في مجلس النواب يطلب إحاطة من وزير الصحة لحسم مشكلة آلاف الأسر المعدمة، ولو أني أرى أن يقظة ضمير الأطباء كفيلة بحل المشكلة.
وفي المقابل يبدوا بصيصًا من الأمل قد لاح في الأفق من خلال مبادرة "تعالى اكشف ونورني" التي أطلقها أحد الأطباء وتضامن معه بعضهمو للكشف مجانا لغير القادرين، أكيد الحياة ليست بهذه المرارة، لكن أسودها ساد أبيضها، وهو ما يكشف عن حجم المأساة التي أصابت منظومة الطب في مصر.
رفقا أيها الأطباء بكل البشر وليس بعضهم، يعني لو كل طبيب زكى عن نفسه ووقع كل يوم الكشف على حالتين لوجه الله أكيد ممكن نخفف آلام ناس كتير معنويا قبل ماديا.